پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص142

وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إنما أهلك من كان قبلكم من بني إسرائيل لحكمهم بآرائهم فإنه ما زال أمرهم صالحا حتى حدث فيهم أولاد السبايا فقاسوا الأمور بآرائهم فضلوا وأضلوا ‘ قالوا : وهذا نص .

وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ستفترق أمتي نيفا وسبعين فرقة أعظمهم فتنة الذين يقيسون الأمور بآرائهم ‘ .

وكذلك قال أبو بكر رضي الله عنه : ‘ أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا حكمت في كتاب الله برأيي ‘ .

فهذه الأحاديث الثلاثة أقوى ما استدلوا به من السنة وإن أكثروا .

والجواب عنها من وجهين :

أحدهما : أنها محمولة على من قاس مع وجود النص ، كما قال تعالى في ثقيف : ( ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا ) [ البقرة : 275 ] . ومن ذلك قوله في إبليس : ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) [ الأعراف : 12 ] وقال ابن سيرين : ‘ أول من قاس إبليس ‘ يعني من دفع النص بالقياس ويوضح ذلك ما رواه الشعبي ، عن عمرو بن حريث عن عمر بن الخطاب قال : ‘ إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي ، فضلوا وأضلوا ‘ رواه الدارقطني ، فدل هذا من قول على أحد أمرين إما أن يستعملوا القياس مع وجود النص وأما أن يعملوا بالرأي من غير أصل وكلا الأمرين ضلال .

والثاني : أنه مستعمل فيمن حكم برأيه من غير أصل من نص كالاستحسان واتباع الرأي وهذا مذموم ، ولذلك قال الشعبي : لعن الله الرأيية يعني الذين يقولون بآرائهم من غير أصل مشروع .