الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص141
القياس فيها ويكون خروجها عن السمع دليلا على وجوب الجمع فتصير بالسمع مختلفة وبعدمه متفقة .
فهذه أدلة في إثبات القياس وإن حذفت أكثرها .
واستدل نفاة القياس بظواهر ومعان :
فأما الظاهر : فمن كتاب وسنة .
فأما الكتاب : فاستدلوا منه بقوله تعالى ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) [ النساء : 59 ] وهذا نفي للقياس .
وقال تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) [ الإسراء : 36 ] ، وهذه صفة القائس .
وقال تعالى : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) [ النجم : 3 – 4 ] وليس القياس من الوحي .
وقال تعالى : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرم ) والقائس مفتر .
وقال تعالى : ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم على الله تفترون ) [ يونس : 59 ] ؟ والقائس يحل ويحرم فصار مفتريا .
وهذه الآي الخمس أقوى دليل استدلوا به من ظاهر الكتاب وإن أكثروا .
والجواب عنها من وجهين :
أحدهما : أن يعاد عليهم فيما حكموا به من نفي القياس فيقال لهم : قد نفيتموه بما ليس لكم به علم ، وما لم ينزل به وحي ، وبما لم تردوه إلى الله والرسول فتساوى الاستدلال بها .
والثاني : أن القائس لا يحل ولا يحرم وإنما يستدل به على ما أحله الله وحرمه ، فليس يحكم إلا عن واجبات النصوص .
وأما استدلالهم بالسنة : فما روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بموت العلماء فإذا ماتوا اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ‘ .