الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص140
السمع أو على الإباحة بطل من وجهين :
أحدهما : أنهم قد حكموا فيها بغير نص وهم يمنعون منه .
والثاني : أن يقال لهم أرأيتم من غاب عن القبلة وخفيت عليه جهتها هل يحمل في ترك الصلاة وفي استقبال القبلة على الإباحة أو الحظر . فإن ارتكبوه أبطلوا به فرض الصلاة .
وإن امتنعوا منه بطل أصلهم وقيل لهم : أيصلي إلى جهة القبلة بنص أو استدلال . فإن قالوا بنص بهتوا ولم يجدوا .
وإن قالوا باستدلال ثبت جواز الحكم بالاستدلال عند عدم النص .
وهذا لو جعل دليلا لكان مقنعا .
ودليل آخر : هو أنه لما استقر في فطر العقول أن يستدل بالشاهد على الغائب ، ويجمع بين المتماثلين في الشبه ، ويسوي بين المتفقين في المعنى وجب أن يكون في قضايا السمع استدلال بالشاهد على الغائب والجمع بين المتماثلين في الشبه والمتفقن في المعنى استدلالا بالعقل والسمع .
فأما العقل فشواهده واضحة .
وأما السمع فقد استقر في الاستدلال بالشاهد على الغائب في القبلة بقوله : ( وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) [ البقرة : 144 و 150 ] .
وفي الجمع بين المشتبهين في المماثلة في جزاء الصيد بقوله : ( فجزاء مثل ما قتل من النعم ) [ المائدة : 95 ] .
وفي التسوية بين المتفقين في المعنى لاعتبار الرق في حد العبد بالزنا بحد الأمة بقوله : ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) [ النساء : 25 ] .
فإن منعوا من ذلك بأن أحكام العقل متفقة وأحكام السمع مختلفة فلم يجز اعتبار أحدهما بالآخر .
قيل : نحن نقيس على أحكام السمع ما وافقها كما نقيس على أحكام العقل ما وافقها فصار كل واحد منهما أصلا لفروعه في المماثلة .
فإن قيل : فقد فرق السمع بين متماثلين وجمع بين مفترقين وهذا في أحكام العقول ممتنع .
قيل : القياس مستعمل عند عدم السمع وإذا ورد السمع بالجمع بين مفترقين ، وبالفرق بين مجتمعين ، علمنا أن الله تعالى منع من استعمال القياس فيه ، وإذا عدم السمع في الأمثال والأشباه علمنا أن الله تعالى لم يخالف بين أحكامها ، واستعملنا