الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص137
يستدل به على حكم في فرع ، وأن الأحكام متعلقة بالأسماء دون المعاني .
وهذا قول النظام وداود والقاساني والمغربي والنهربيني والشيعة .
واختلفوا في طريق نفيه .
فنفاه بعضهم بالعقل .
ونفاه بعضهم بالشرع .
ونفاه داود بأن الشرع لم يرد به ولو ورد به لجاز أن يكون دليلا فيه .
وهذا خلاف حدث منهم في نفيه بعد أن تقدم بإثباته إجماع الصحابة والتابعين استدلالا من وجهين ظاهر منقول ومعنى معقول .
فأما الظاهر : فمن وجهين : الكتاب والسنة .
فأما الكتاب : فقوله تعالى : ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) [ الحشر : 2 ] .
وفي الاعتبار وجهان :
أحدهما : أنه مأخوذ من العبور ، وهو تجاوز المذكور إلى غير المذكور ، وهذا هو القياس .
والثاني : أنه مأخوذ من العبرة : وهي اعتبار الشيء بمثله ومنه عبرة الخراج أن يقاس خراج عام بخراج غيره في المماثلة .
وفي كلا الوجهين دليل على القياس ، لأنه أمر أن يستدل بالشيء على نظيره وبالشاهد على الغائب .
وقال تعالى : ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ) [ يس : 78 – 79 ] .
فجعل خلق الأشياء دليلا على أحياء الموتى ، وهذا قياس يستمر في قضايا العقول ، ولولا القياس ما صار دليلا .
وقال تعالى : ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء ) [ الروم : 28 ] .
فجعل عبيدنا لما لم يشاركونا في أملاكنا دليلا على أن ما خلق لا يجوز أن يشاركه في عبادته ، وبقياس العقل صار هذا دليلا .
وقال تعالى : ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) [ النساء : 83 ] .