الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص135
ولكل واحد من هذه المعاني فروع يجتذبها ليست في غيره .
فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون أحدها داخلا في الآخر ، فيكون الحكم معتبرا بالمعنى الأعم دون الأخص ، كتعليل الربا في البر بأنه مقتات ، وتعليله بأنه مأكول ، والقوت يدخل في المأكول ، فكان تعليله بالأكل أولى من تعليله بالقوت ، لعموم الأكل وخصوص القوت .
والضرب الثاني : أن لا يدخل أحدهما في الثاني : كالتعليل بالأكل والتعليل بالكيل فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون أحد المعنيين أكثر فروعا من الآخر فيكون أكثرهما فروعا أولى وتعليل الحكم به أحق لكثرة بيانه بكثرة فروعه .
والضرب الثاني : أن تتقارب فروعهما ، فهو على ضربين :
أحدهما : أن تكون شواهد أكثر الأصول مع أحدهما وشواهد أقلها مع الآخر فيكون أكثرهما شواهد أولى ، وتعليل الحكم به أحق ، لقوته بكثرة شواهده .
والضرب الثاني : أن تتساوى شواهد الأصول لكل واحد منهما ولا يترجح أحدهما على الآخر بشيء ، فيتعلق حكم الأصل بكل واحد من المعنيين ، ويكون اجتماعهما معا علة في فروع الأصل ، لقوة العلة باجتماعهما واستيعابهما لفروعهما .
فأما إذا لم يصح تعليق حكم الأصل بأحد معانيه لدخول الكسر عليه وجب أن يضم إليه معنى آخر من معاني الأصل فيجمع فيه بين معنيين .
فإن سلما بالاجتماع من كسر يدخل عليهما صارا جميعا معنى الحكم في الأصل وعلة الحكم في الفرع .
وإن لم يسلم المعنيان من كسر ضممت إليهما معنى ثالثا .
فإن سلمت المعاني الثلاثة صار جميعها معنى الحكم في الأصل وعلة الحكم في الفرع .
وإن لم نسلم الثلاثة من كسر ضممت إليها رابعا .
فإن لم تسلم ضممت إليها خامسا كذلك أبدا حتى تجمع بين معاني الأصل فيتبين باجتماع معانيه وقوف حكمه وعدم تعديه .
ومنع أبو حنيفة من تعليق الحكم بما لم تتعد معانيه وأبطل به العلة الواقفة .