الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص133
في العلل الشرعية ، لأن أحكام الشرع لا تخرج عن قضية العقل .
والثاني : أن العلة إذا عارضها نقض لم يكن التعليل بالمنتقض أولى من التعليل بالناقض ؛ فتعارضا بهذه المقابلة ، فوجب العدول عنها إلى ما لا تعارض فيه .
فإذا تكاملت هذه الشروط الأربعة في المعاني والعلل المستنبطة صحت المعاني بها .
وكان صحة التعليل بعدها مختلفا فيه لاختلاف أصحابنا في شرطين هل يعتبران في تصحيح العلل أم لا :
أحد الشرطين : عكس العلة هل يكون معتبرا في صحتهما كما اعتبر في صحتها الطرد ؟ وفيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وطائفة معه : أنه لا يعتبر فيها صحة العكس ، وأنه إذا ثبت الحكم بوجودها صحت وإن لم يرتفع بعدمها ، لأن المقصد بها إثبات الحكم دون نفيه وكما يصح المعنى إذا طرد ولم ينعكس .
والوجه الثاني : أن صحة العكس معتبر فيها ، فإذا ثبت الحكم بوجودها ولم يرتفع بعدمها فسدت العلة ، وإن لم يفسد المعنى ؛ لأن علل الشرع معتبرة بعلل العقل في الطرد والعكس ولأن عدم التأثير في ارتفاعها يدل على عدم التأثير في وجودها ، ويكون الفرق بين المعنى والعلة في اعتبار العكس ما قدمناه من الفرق .
والشرط الثاني : المختلف فيه وقوف العلة على حكم النص وعدم تأثيرها فيما عداه ، كوقوف علة الربا في الذهب والفضة عليهما تعليلا بأنهما أثمان وقيمة وهو معنى لثبوت الربا فيهما .
واختلف أصحابنا هل تكون علة لثبوت الربا فيهما ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي بكر القفال وأشار إليه في أصوله : لا تكون علة ؛ لأن العلة ما جذبت حكم الأصل إلى فروعه ، ويجعل ثبوت الربا في الذهب والفضة بالاسم دون المعنى .
والوجه الثاني : وهو قول الجمهور أنها علة وإن لم تتعد عن حكم الأصل ، لأن وقوفها يوجب نفي حكم الأصل عن غيره وكما أوجب تعديها ثبوت حكم الأصل في غيره فصار وقوفها مؤثرا في النفي كما كان تعديها مؤثرا في الإثبات فاستفيد بوقوفها وتعديها حكم غير الأصل . فعلى هذا يكون ثبوت الربا في الذهب والفضة بالمعنى دون الاسم .
فصارت صحة المعاني معتبرة بأربعة شروط ، وفي صحة العلل وجهان :