الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص131
لتعديها إلى غيرها ، فإن توزعنا في تعليق الأحكام بالمعاني كان يدل عليه في إثبات القياس كافيا .
وإذا كان كذلك وجب أن يستنبط معاني الأحكام بالاجتهاد ليعلم بالقياس حكم ما لم يرد فيه نص من معاني ما ورد فيه النص ، فما وجد فيه معنى النص شاركه في حكمه قياسا ، وما عدم فيه معنى النص خالفه في حكمه عكسا فيكون القياس موجبا لحكم الإثبات في الطرد وحكم النفي في العكس .
ومن أصحابنا من جعله موجبا لحكم الطرد في الإثبات ولم يجعله موجبا لحكم العكس في النفي ، وهو قول من اعتبر صحة العلة بالطرد دون العكس وذاك قول من اعتبر صحتها بالطرد والعكس .
والفرق بين المعاني والعلل : أن المعنى ما وجب به الحكم في الأصل حتى تعدى إلى الفرع . والعلة اجتذاب حكم الأصل إلى الفرع . فصار المعنى ما ثبت به حكم الأصل ، والعلة ما ثبت بها حكم الفرع . ثم هما بعد هذا الفرق يجتمعان من وجهين ويفترقان من وجهين :
فأما الوجهان في الاجتماع .
فأحدهما : أن حكم الأصل موجود في المعنى والعلة .
والثاني : أن المعنى والعلة موجودان في الأصل والفرع .
وأما الوجهان في الافتراق .
فأحدهما : أن العلة مستنبطة من المعنى وليس المعنى مستنبطا من العلة لتقدم المعنى وحدوث العلة .
والثاني : أن العلة قد تشتمل على معان والمعاني لا تشتمل على علل ، لأن الطعم والجنس معنيان وهما علة الربا .
وقد ألف الفقهاء أن يعبروا عن المعنى بالعلة وعن العلة بالمعنى ولا يوقعوا بينهما فرقا إما اتساعا وإما استرسالا .
والتحقيق فيهما ما ذكرناه من الفرق بينهما .
فإذا تقررت هذه الجملة وجب على المجتهد في استنباط المعاني والعلل أربعة شروط تعتبر بها صحتهما ثم تختص العلل دون المعاني بشرطين مختلف فيهما .
فأما الشروط الأربعة المعتبرة في صحتهما :