پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص129

واحد فمن أصابه فقد أصاب عند الله وأصاب في الحكم . ومن أخطأه فقد أخطأ عند الله وأصاب في الحكم .

وقد حكي هذا القول عن الشافعي بعض أصحابه ، لأن له في وجوب القضاء على من تيقن الخطأ في القبلة قولين فمنهم من أثبته وخرجه قولا ثانيا ، ومنهم من أنكره .

وقيل : إن مذهب أبي حنيفة في هذا مختلف فيجعل في بعض المسائل كل مجتهد مصيبا ، وإن كان الحق في واحد كقول أبي يوسف ، ويجعل في بعض المسائل كل مجتهد مخطئا إلا واحدا ، لأن الحق واحد كقولنا .

ولو كان كل مجتهد مصيبا ما أخطأ مجتهد ، وقد نسب الله تعالى نبيه داود إلى الخطأ وسليمان إلى الإصابة بقوله تعالى : ( ففهمناها سليمان ) وقال النبي ( ص ) : ‘ إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر ‘ فنسبه إلى الخطأ وإن جعل له أجرا .

فإن قيل : فلو اختلفا في الإصابة لما شورك بينهما في الأجر .

قيل : ولو اتفقا في الإصابة لما فوضل بينهما في الأجر .

وقد خطأ الصحابة بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه : فقال ابن عباس : ‘ ألا لا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أبا الأب أبا ‘ وقال في العول ‘ من شاء باهلته عند الحجر الأسود ، والذي أحصى رمل عالج عددا ما جعل الله في المال نصفين وثلثا ، هذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين الثلث ‘ وقال علي لعمر في المجهضة حين قال له عثمان وعبد الرحمن : لا شيء عليك إنما أنت معلم فقال له علي : إن كانا ما اجتهدا فقد غشا وإن كانا قد اجتهدا فقد أخطأ فعليك الدية فلم ينكروا خطأ المجتهد .

فإن قيل : لما استجازوا أن يولوا من خالفهم في الاجتهاد دل على أن كل مجتهد مصيب ، ولو كان مخطئا لما استجازوا تولية مخالف ، قيل قد أنكر علي على شريح حين خالفه في ابني عم أحدهما أخ لأم ، وقال : علي بالعبد الأبطر وعزله عن القضاء .

على أن نفوذ الاجتهاد عين الحكم ، وقد يجوز أن يتفقا عليه وقت الحكم .

ولأن تصويب كل المجتهدين يؤدي إلى تصويب من نفي تصويب المجتهدين فصار ما ذهب إليه من التصويب راجعا عليه في إبطال التصويب . فإذا صح أن جميعهم مخطئ في الاجتهاد إلا واحدا هو المصيب منهم وإن كان غير متعين فالمصيب منهم مأجور على الاجتهاد وعلى الصواب ، وأما المخطئ فغير مأجور على الخطأ .

واختلف في أجره على الاجتهاد :

فمذهب الشافعي أنه مأجور عليه وإن أخطأ فيه لقصد الصواب وإبن لم يظفر به .

وقال الأصم وابن علية هو مأثوم على الاجتهاد لخطئه فيه .