پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص128

أحدهما : أن يكون الاختلاف في أصول التوحيد وصفات الذات ، فالحق فيها واحد وهو الذي كلف العباد طلبه ، وما عداه باطل فمن أصابه فقد أصاب عند الله وأصاب في الحق ومن أخطأه فقد أخطأ عند الله وأخطأ في الحق . وهذا قول جمهور الفقهاء والمتكلمين .

وشذ عنهم عبيد الله بن الحسن العنبري فجعل كل مجتهد مصيبا في الأصول والفروع .

والجمع بينهما خطأ فاحش ، لأن أصول التوحيد وصفات الذات لا تختلف فلم يصح تجويز الاختلاف فيها ، وأحكام الشرع قد تختلف بحسب المصالح في الأعيان والأزمان فجاز أن يكون الخلاف مسوغا فيها .

والضرب الثاني : من اختلاف المجتهدين : أن يكون في الأحكام الشرعية من العبادات والمعاملات كاختلاف الصحابة في أحكام الصلاة والزكاة والصيام وفي مقاسمة الإخوة للجد وفي توريث الجدة وابنها حي وفيمن قال لامرأته : أنت علي حرام وما أشبه ذلك .

فقد اختلف الفقهاء والمتكلمون في هذا الاختلاف :

فذهب أكثر المتكلمين إلى أن الحق في جميعها ، وإن كل مجتهد فيها مصيب عند الله ومصيب في الحكم ؛ لأن جواز اختلاف الجميع دليل على صحة الجميع .

وذهب الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء إلى أن الحق في أحدها وإن لم يتعين لنا فهو عند الله متعين ؛ لاستحالة أن يكون الشيء الواحد في الزمان الواحد في الشخص الواحد حلالا وحراما ؛ لأن ما حل لشخص في حال لم يكن حراما عليه في تلك الحال لتنافيه وتناقضه ، ولأن المختلفين في اجتهادهم في القبلة إلى أربع جهات لا يدل على أن القبلة في الجهات الأربع .

وإذا ثبت أن الحق في أحدها وإن لم يتعين فقد اختلف الفقهاء : هل كل مجتهد فيها مصيب أم لا .

فمذهب الشافعي وما ظهر منه في أكثر كتبه أن المصيب منها واحد ، وإن لم يتعين وإن جميعهم مخطئ إلا ذلك الواحد ، فمن أصاب الحق فقد أصاب عند الله وأصاب في الحكم ، ومن أخطأ الحق فقد أخطأ عند الله ، وأخطأ في الحكم .

وهذا مذهب مالك ؛ لأن الحق لما كان في واحد لم يكن المصيب إلا واحدا .

وقال أبو يوسف وطائفة من أهل العراق : كل مجتهد مصيب وإن كان الحق في