پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص102

وهذان الوجهان من اختلافهم في أصول الأشياء قبل مجيء الشرع هل كانت على الإباحة حتى حظرها الشرع أو كانت على الحظر حتى أباحها الشرع .

( فصل )

: وأما القسم الثاني فيما يجب بيانه بالسنة : فعلى أربعة أضرب :

أحدها : ما لزمه بيانه في حقوق الله تعالى وحقوق عباده وهو بيان ما أجمله الله تعالى في كتابه من الصلاة والزكاة ، والرسول ( ص ) مأخوذ بيانه في حق الله ليقام بحقه فيها ومأخوذ ببيانه في حقوق العباد ليعلموا ما كلفوا منها .

والضرب الثاني : ما لزم الرسول بيانه في حقوق الله تعالى دون عباده وهو تخصيص العموم يلزم بيانه في حق الله لاستثنائه له ولا يلزمه في حقوق العباد لأنهم على العموم ما لم ينقلوا عنه .

والضرب الثالث : ما لزمه بيانه في حقوق العباد ، ولم يلزمه بيانه في حقوق الله وهو ما يستحق الثواب بفعله ولا يجب العقاب بتركه كنوافل العبادات وأفعال القرب يلزم بيانها في حقوق العباد خاصة لاختصاصهم بها .

والضرب الرابع : ما اختلف فيه وهو ما استأنف الرسول ( ص ) بيانه من الأحكام التي ليست في كتاب الله كالحكم بالشفعة للجار والقضاء بالدية على العاقلة وإعطاء السلب للقاتل وأن لا ميراث للقاتل وأن لا وصية للوارث وأن لا يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها وما شاكل ذلك فيلزم الرسول بيانه في حقوق العباد : لأنه لا طريق لهم إلى العلم بها إلا منه .

وفي لزوم بيانها في حقوق الله تعالى وجهان مبنيان على اختلاف أصحاب الشافعي هل للرسول أن يحكم فيها باجتهاده أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يجوز للرسول أن يحكم باجتهاده لأن الاجتهاد فضيلة فكان الأنبياء بها أحق وقد قال الله تعالى : ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان ، وكلا آتينا حكما وعلما ) [ الأنبياء : 78 – 79 ] .

ولو حكم داود بأمر الله لم ينقض حكمه عليه ، وقد صالح رسول الله ( ص ) قريشا عام الحديبية وحكم برد من أسلم من رجالهم ونسائهم فرد الله تعالى حكمه فيمن أسلم من النساء حين جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مسلمة فدل على أنه حكم في ذلك باجتهاده فعلى هذا الوجه يكون هذا البيان لازما للرسول ( ص ) في حقوق العباد دون حقوق الله تعالى .

والوجه الثاني : ليس للرسول أن يجتهد وتكون أحكامه موقوفة على أوامر الله تعالى إما من قرآن أو وحي لقول الله تعالى : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي