پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص101

أحدهما : وهو قول الأكثرين أنها مستحبة وليست بفرض إلا أن يقترن بها أمر لأنه كان ( ص ) يستسر بكثير من أفعاله ولو كان اتباعه فيها فرضا لأظهرها كما أظهر أقواله ليكون البلاغ بهما عاما .

والوجه الثاني : أن اتباعه فيها فرض ما لم ينه عنه لقول الله تعالى في حق النبي ( ص ) : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره ) [ النور : 63 ] والأمر ينطلق على الفعل كانطلاقه على القول كما قال تعالى : ( وما أمر فرعون برشيد ) [ هود : 97 ] أي فعل فرعون وكما قال الشاعر :

( لها أمرها حتى إذا ما تبوأت
بإخفافها بتنا نبوئ مضجعا )

يعني بالأمر أفعال الإبل في سيرها .

وقد روي أن رجلا أرسل امرأة إلى أم سلمة رضي الله عنها ليسألها عن قبلة الصائم فقالت أم سلمة : أن رسول الله ( ص ) قد قبل وهو صائم . فقال الرجل : لسنا كرسول الله ( ص ) أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . وأعاد زوجته لتسأل فذكرت أم سلمة ذلك لرسول الله ( ص ) فقال : ‘ هلا أنبأتها ‘ فقالت قد فعلت . فقال : لسنا كرسول الله ( ص ) فقال رسول الله ( ص ) : ‘ إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله وأعلمكم بحدوده ‘ .

فدل على وجوب اتباعه في أفعاله .

( [ إقرار الرسول ( ص ) ] )

:

وأما إقرار رسول الله ( ص ) الناس على ما أمرهم عليه من بياعات ومعاملات ومأكول ومشروب وملبوس وآنية ومقاعد في الأسواق فجميعها في الشرع مباح .

لأن رسول الله ( ص ) لا يستجيز أن يقر الناس على منكر محظور كما وصفه الله تعالى في قوله ( النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ) [ الأعراف : 157 ] .

فدل على أن ما أقر عليه خارج عن المنكر وداخل في المعروف .

واختلف في حكم الاستباحة لذلك بعد الإقرار عليه على وجهين :

أحدهما : أنها مستباحة بالعرف المتقدم دون الشرع .

والوجه الثاني : أنها مستباحة بالشرع حتى أقروا عليها .