الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص94
الإمام .
وإن كانت عدالة الرواة شرطا في صحة الحديث لم يخل حالهم من ثلاثة أقسام .
أحدها : أن تعلم عدالتهم فيحكم بصحة الحديث .
والثاني : أن يعلم جرحهم أو جرح أحدهم فلا يحكم بصحته .
والثالث : أن تجهل أحوالهم في الجرح والتعديل فعند أبي حنيفة أن روايتهم مقبولة ما لم يعلم الجرح ، وعند الشافعي لا تقبل ما لم يعلم التعديل ، فيكشف عن عدالتهم .
فإن شهد قوم بعدالتهم وشهد قوم بجرحهم حكم بالجرح دون التعديل .
ولا يقبل الجرح حتى يذكر ما صار به مجروحا .
فإن وجدوه قد كذب في حديث واحد وجب إسقاط جميع ما تقدم من أحاديثه ووجب نقض ما عمل به منها ، وإن لم ينقض الحكم بشهادة من حدث فسقه لأن الحديث حجة لازمة لجميع الناس ، وفي جميع الأعصار فكان حكمه أغلظ من الشهادة الخاصة . وفي تعديل الراوي وجهان :
أحدهما : أن يجري مجرى الخبر ، لأنه داخل في عموم الأخبار فعلى هذا يقبل في عدالته خبر الواحد ، ويجوز أن يقبل فيه خبر المحدث .
والوجه الثاني : أنه يجري مجرى الشهادة ، لأنه حكم على غائب فعلى هذا لا يقبل في تعديله أقل من شاهدين .
وفي جواز أن يكون المحدث أحدهما وجهان ، كما لو عدل شهود الفرع لشهود الأصل .
فأما الجرح فلا يقبل فيه أقل من شاهدين ، لأنها شهادة على باطن مغيب .
فأما الصحابة فليس يعتبر فيهم إلا صحة صحبتهم وإذا صحت الصحبة قبلت أحاديثهم إذا خرجوا عمن اشتهر بالنفاق فإن الله تعالى اختار لرسوله ( ص ) من رضي عنهم ووصفهم بالرأفة والرحمة بينهم فقال تعالى ( رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) [ الفتح : 29 ] .
وأما من عرف من الرواة بالتدليس فصنفان :
أحدهما : من عرف بتدليس متون الأحاديث فهذا مطرح الأحاديث مجروح العدالة وهو ممن يحرف الكلم عن مواضعه فكان بالتكذيب أحق .