الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص88
واختلف أصحابنا هل يوجب العلم الظاهر ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يوجبه لأن ظاهر العلم من نتائج باطنه فلم يفترقا .
والوجه الثاني : يوجبه لأن سكون النفس إليه موجب له ولولاه لكان ظنا .
أحدهما : في أحوال الرواة الناقلين لها .
والثاني : المتون المعمول عليها .
فأما الفصل الأول في الرواة فيشتمل الكلام فيه على خمسة فصول :
أحدها : في صفات الراوي .
والثاني : في شروط التحمل .
والثالث : في صفة الأداء .
والرابع : في أحوال الإسناد .
والخامس : في نقل السماع .
فأما الفصل الأول : في صفات الراوي : فيعتبر فيه أربعة شروط :
أحدها : البلوغ : فإن الصغير لا يقبل قوله في الدين في خبر ولا فتيا ، لأنه لما لم يجر على قوله حكم في حق نفسه فأولى أن لا يجري عليه حكم في حق غيره .
والشرط الثاني : العقل الموقظ : ولا يقتصر على العقل الذي يتعلق به التكليف حتى ينضم إليه التيقظ والتحفظ فيفرق بين الصحيح والفاسد ليصح تمييزه .
والشرط الثالث : العدالة في الدين لأن الفاسق مردود القول فيه لقوله تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) [ الحجرات : 6 ] ولأن النفس لا تثق بخبره كما لا تثق بشهادته .
ولا يرد خبر أهل الأهواء والبدع ما لم يكفروا غيرهم ويظهروا عنادهم . قد اتهم بذلك كثير من التابعين فما ردت أخبارهم ، وشدد بعض أصحاب الحديث فمنع من قبول خبر من لا يوافقه على مذهبه وهذا مفض إلى إطراح أكثر السنن .
والشرط الرابع : أن يكون مأمون الزلل شديد اليقظة بعيدا من السهو والغفلة حتى لا يشتبه عليه الكذب بالصدق .