الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص86
ويوحنا وهم عدد يجوز على مثله التواطؤ والغلط ثم استفاض عنهم الخبر فصار أصله من أخبار الآحاد وانتشاره من أخبار الاستفاضة .
وأما أخبار الآحاد فهو ما أخبر الواحد والعدد القليل الذي يجوز على مثلهم التواطؤ على الكذب ، أو الاتفاق في السهو ، والغلط ، وهي على ثلاثة أضرب :
أحدها : أخبار المعاملات .
والثاني : أخبار الشهادات .
والثالث : أخبار السنن والديانات .
فأما أخبار المعاملات : فلا تراعى فيها عدالة المخبر وإنما يراعى فيها سكون النفس إلى خبره فتقبل من كل بر وفاجر ومسلم وكافر وصغير وبالغ ، فإذا قال الواحد منهم هذه هدية فلان إليك جاز أن تعمل على قوله ، وفي الدخول لأنه في العرف مقبول وإنما لم تعتبر في هذا الخبر عدالة المخبر لأن العرف جاز باستنابة أهل البذلة فيه ، ومن خرج عن حد الصيانة وذلك مناف لشروط العدالة فلذلك سقط اعتبارها فيهم وهذا متفق عليه .
وأما أخبار الشهادات فيعتبر فيها شرطان ورد الشرع بهما وانعقد الإجماع عليهما :
أحدهما : العدالة ؛ لأن المنتدب لها أهل الصيانة فوجب أن تعتبر فيهم العدالة ليكونوا من أهل الصدق والصيانة .
والثاني : العدد بحسب ما ورد به الشرع : وأكثره أربعة في الزنا وأقله اثنان في الأموال فصارت الشهادة من هذين الوجهين أغلظ من أخبار المعاملات ، وإن كانا جميعا من أخبار الآحاد .
وأما أخبار السنن والعبادات فمختلف في قبول الآحاد فيها .
فمنع منها قوم كالأصم وابن علية وعدلوا عنها إلى غيره من أدلة الشرع ، لأنها لا توجب العلم فلم توجب العمل ، ووفقها آخرون على ما يعضدها من الاتفاق على العمل بها .
وذهب جمهور الفقهاء إلى قبولها ووجوب العمل بها على ما نذكره في الشروط المعتبرة فيها ، لقول الله تعالى : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) [ التوبة : 123 ] الآية ؛ فلو لم تلزم الحجة بالآحاد النافرة لأمر فيه بالتواتر والاستفاضة ولأن رسول الله ( ص ) بعث معاذا إلى اليمن فنقل إليهم السنن وعلمهم العبادات ونصب الزكوات