الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص84
والفرق الثالث : أن تخصيص العموم يجوز أن يكون بغير جنسه فيخص عموم الكتاب بالسنة والقياس ، ولا يجوز في النسخ إلا أن يكون الناسخ من جنس المنسوخ فينسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة .
والفرق الرابع : أن تخصيص العموم يجوز أن يكون في الأحكام والأخبار والنسخ مختص بالأحكام دون الأخبار .
والفرق الخامس : أن تخصيص العموم يكون على الفور والنسخ يكون على التراخي فهذا بيان الأقسام السبعة من أحكام الأصل الأول وهو الكتاب .
وأما الأصل الثاني من أصول الشرع فهو سنة رسول الله ( ص ) .
لأن الله تعالى ختم برسوله النبوة ، وكمل به الشريعة ، وجعل الله تعالى بيان ما أخفاه من مجمل أو متشابه ، وإظهار ما يشرعه من أحكام ومصالح فقال تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) [ النحل : 44 ] .
ولما جعله بهذه المنزلة أوجب على الناس طاعته في قبول ما شرعه لهم وامتثال ما يأمرهم به وينهاهم عنه فقال تعالى : ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [ الحشر : 7 ] .
وأوجب عليه لأمته أمرين :
أحدهما : البيان .
والثاني : البلاغ قال الله تعالى ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) [ المائدة : 67 ] .
وأوجب للرسول ( ص ) على أمته أمرين :
أحدهما : طاعته في قبول قوله .
والثاني : أن يبلغوا عنه ما أخبرهم به كما قال ( ص ) : ‘ ليبلغ الشاهد منكم الغائب ‘ وقال ( ص ) : ‘ بلغوا عني ولا تكذبوا علي فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ‘ .
ولما كان الرسول لا يقدر أن يبلغ جميع الناس للعجز عنه اقتصر على إبلاغ من حضر لينقله الحاضر إلى الغائب .
ولما لم يبق فيهم إلى الأبد فكل من يأتي في عصر بعد عصر يأخذون عمن