الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص77
الأوامر بلفظ الأخبار أحكام الأوامر دون الأخبار ، ومن هذين الوجهين ، كذلك في حكم النسخ .
والضرب الثاني : أن يرد الأمر مؤكدا بالتأييد ففي جواز نسخه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : لا يجوز نسخه ؛ لأن صريح التأييد مانع من احتمال النسخ .
والوجه الثاني : وكأنه أشبه أن نسخه جائر ، لأن المطلق يقتضي التأييد كالمؤكد ، لأنه لما جاز القطاع المؤبد بالاستثناء مثل قوله تعالى ( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا ) [ النور : 4 ] جاز انقطاعه بالنسخ كالمطلق .
والضرب الثالث : أن يكون الأمر مقدرا بمدة فيكون انقضاء المدة موجبا لارتفاع الأمر فيصير نسخا بغير نسخ .
فإن أريد نسخه قبل انقضاء مدته كان في جوازه وجهان : كالمؤبد .
وأما القسم الثاني : فيما يقع به النسخ : وهو أن يكون بمثل المنسوخ فينسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة .
قال الله تعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) [ البقرة : 106 ] .
وفي المراد بنسخها وجهان :
أحدهما : تبديلها قاله ابن عباس .
والثاني : قبضها قاله السدي .
وفي قوله ‘ أو ننسأها ‘ وجهان :
أحدهما : نتركها فلا تنسخ قاله ابن عباس .
والثاني : نؤخرها ومنه بيع النساء .
وفي هذا التأخير وجهان :
أحدهما : نؤخر نسخها .
والثاني : نؤخر نزولها .
وفي قوله ( نأت بخير منها أو مثلها ) وجهان :
أحدهما : بخير منها في المنفعة إما بالتخفيف وإما بكثرة الثواب قاله ابن عباس .
والثاني : أنه على التقديم والتأخير ، ومعناه : نأت منها بخير قاله أبو عبيد .