پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص76

وليس يمتنع في العقل ولا في الشرع نسخ الأحكام الشرعية لأنها معتبرة بالمصالح .

وقد تختلف المصالح باختلاف الزمان فيكون المنسوخ مصلحة في الزمان الأول دون الثاني ، ويكون الناسخ مصلحة في الزمان الثاني دون الأول ، فيكون كل واحد منهما مصلحة في زمانه وحسنا في وقته وإن تضادا .

ولا يكون بداء ورجوعا فيستقبح كما زعم قوم لأن النداء هو الرجوع فيما تقدم من أمر ونهي ، والنسخ هو أمر بالشيء في وقت والنهي في غيره فافترقا .

فإذا تقرر ما ذكرناه من اختصاص النسخ بالأحكام الشرعية دون العقلية في الأوامر والنواهي دون الأخبار ، فالنسخ جائز في الكتاب والسنة ؛ لأن كل واحد منهما أصل لأحكام الشرع فإذا جاءت في الكتاب الذي هو أصل السنة كان في السنة أجوز .

وإذا كان كذلك فالناسخ والمنسوخ في الكتاب والسنة يشتمل على تفصيل بيانه على سبعة أقسام :

أحدها : ما يقع فيه النسخ .

والثاني : ما يقع به النسخ .

والثالث : في أحكام النسخ .

والرابع : في أحوال النسخ .

والخامس : في زمان النسخ .

والسادس : في دلائل النسخ .

والسابع : في الفرق بين التخصيص والنسخ .

( [ القول فيما يقع فيه النسخ ] )

:

فأما القسم الأول فيما يقع فيه النسخ : فقد ذكرنا أنها الأوامر والنواهي الشرعية وهي على ثلاثة أضرب :

أحدها : أن تكون مطلقة فيجوز نسخها ، وإن وردت بلفظ الخبر .

وتوهم بعض أصحابنا فمنع من نسخها إذا وردت بلفظ الخبر اعتبارا بالأخبار في الامتناع من دخول النسخ فيها .

فهذا فاسد من وجهين :

أحدهما : اختصاص الأخبار بالأعلام واختصاص الأوامر بالإلزام .

والثاني : اختصاص الأخبار بالماضي والأوامر بالمستقبل ولما تعلق بما ورد من