الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص71
فإن علق الشرط بجمل مذكورة عاد إلى جميعها ما لم يخصه دليل كالاستثناء .
وجعله أبو حنيفة عائدا إلى أقرب مذكور .
ودليلنا قوله تعالى : ( فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهلكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ) [ المائدة : 89 ] يعود إلى جميع ما تقدم ولا يعود إلى أقرب مذكور من تحرير الرقبة .
وأما النوع الثالث وهو الغاية :
فهي حد لثبوت الحكم قبلها وانتفائه بعدها كقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) [ البقرة : 187 ] .
فكان الفجر حدا لإباحة الأكل قبله وتحريمه بعده ، فتعلق بالغاية إثبات ونفي كالاستثناء والشرط ، غير أن الشرط موجب لثبوت الحكم بعده ، ولانتفائه قبله ، والغاية موجبة لثبوت الحكم قبلها ولانتفائه بعدها .
فإن اقترن بالغاية شرط تعلق الإثبات بهما والنفي بأحدهما كقوله تعالى : ( فلا تقربوهن حتى يطهرن ) [ البقرة : 222 ] وهذا غاية ثم قال ( فإذا تطهرن فأتوهن ) وهذا شرط فتعلق حكم الإثبات بوجود الشرط بعد الغاية ، فلا يستباح وطؤهن إلا بالغسل بعد انقطاع الدم ، وتنتفي الاستباحة بعدمها أو عدم أحدهما من غاية أو شرط .
وأما القسم الخامس وهو المحكم والمتشابه :
فأصله قول الله تعالى : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) [ آل عمران : 7 ] الآية .
واختلف أهل العلم في المحكم والمتشابه على ثمانية أقوال :
أحدها : أن المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ وهذا قول ابن عباس وابن مسعود .
والثاني : أن المحكم الفرائض والوعد والوعيد ، والمتشابه القصص والأمثال وهو قول مأثور .
والثالث : أن المحكم الذي لم تتكرر ألفاظه والمتشابه الذي تكررت ألفاظه وهذا قول عبد الرحمن بن زيد .
والرابع : أن المحكم ما علم العلماء تأويله وفهموا معناه ، والمتشابه ما لم يكن