پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص70

شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا ) [ النور : 4 – 5 ] .

أن التوبة عند أبي حنيفة ترجع إلى الفسق وحده ، لأنه أقرب مذكور .

وعند الشافعي ترجع إلى الفسق وقبول الشهادة اعتبارا بالعموم .

ولا ترجع عندهما جميعا إلى الجلد مع اختلافهما في التعليل .

فعند أبي حنيفة لبعده عن أقرب مذكور .

وعند الشافعي لخروجه بدليل : وهو أن حد القذف من حقوق الآدميين التي لا تسقط بالتوبة .

ولذلك لم يجعل قوله ( إلا أن يصدقوا ) [ النساء : 92 ] عائدا إلى الكفارة ؛ لأنها من حقوق الله التي لا تسقط بالعفو وجعله عائدا إلى الدية لسقوطها بالعفو .

( فصل : [ النوع الثاني : الشرط ] )

وأما النوع الثاني وهو الشرط :

والشرط في اللغة هو العلامة ومنه قول الله عز وجل : ( فقد جاء أشراطها ) [ محمد : 18 ] أي علاماتها ولذلك سمي صاحب الشرط لتميزه بعلامته .

والشرط في الشرع : هو الشيء الذي علق به الحكم لأنه علامة لوجوبه .

فإذا علق الحكم بشرط ثبت الحكم بوجوده وانتفى بعدمه كقوله تعالى : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) [ البقرة : 196 ] فيتعلق به إثبات ونفي فيجري مجرى الاستثناء من وجه وإن خالفه من وجه .

فوجه اجتماعهما أنه قد يثبت حكما وينفي حكما .

ووجه افتراقهما : أن الشرط يثبت الحكم في حال وجوده وينفيه في حال عدمه ، والاستثناء يجمع بين النفي والإثبات في حال واحدة .

وربما قيد الحكم بشرط قام الدليل على ثبوت الحكم مع وجوده وعدمه ولا يتعلق بالشرط إثبات ولا نفي .

ويصرفه الدليل عما وضع له من الحقيقة إلى ما قصد به من المجاز كقوله تعالى : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ) [ الطلاق : 4 ] وحقها في العدة مع وجود الريبة وعدمها سواء .

فإن تجرد الشرط عن دليل حمل على موجبه في النفي والإثبات .