الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص67
بالتفرقة ، ولا يمكن الجمع بين التتابع والتفرقة فيختص كل واحد منهما بصفته .
وإن أمكن اجتماع الصفتين ولم يتنافيا ففي حمل كل واحد منهما على تقييد نظيره وجهان :
أحدهما : لا يحمل إلا على ما قيد به إذا قيل إن المطلق لا يحمل على المقيد إلا بدليل .
والوجه الثاني : يحمل على تقييده وتقييد نظيره فيصير كل واحد منهما مقيدا بالصفتين إذا قيل بجواز حمل المطلق على المقيد .
فعلى هذا يجوز أن يحمل ما أطلق من جنسهما على تقييدهما معا ويصير كل واحد من النصوص الثلاثة المتجانسة مقيدا بشرطين .
وأما القسم الرابع وهو الإثبات والنفي : فينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : إثبات تجرد عن نفي .
والثاني : نفي تجرد عن إثبات .
والثالث : ما اجتمع فيه نفي وإثبات .
فأما القسم الأول : في الإثبات إذا تجرد عن نفي فضربان :
أحدهما : أن يقترن بحرف التحقيق فيكون إثباته نفيا لما عداه كقول النبي ( ص ) : ‘ إنما الأعمال بالنيات ‘ ، وكقوله : ‘ إنما الولاء لمن أعتق ‘ فيكون إثبات العمل بالنية موجبا لنفيه من غير نية ، وإثبات الولاء للمعتق موجبا لنفيه لغير المعتق .
وسواء كان هذا الإثبات جوابا أو ابتداء .
لكن اختلف في النفي به هل هو بلفظ النطق أو بدليله ؟ على وجهين :
أحدهما : أن الذي أوجب النفي بعد الإثبات هو دليل اللفظ دون اللفظ فيكون دليل الخطاب هو الموجب للنفي ؛ لأنها لفظة تحقيق فجرت مجرى التأكيد .
والوجه الثاني : أنها أوجبت النفي والإثبات بنفس اللفظ ، لأن لفظة ‘ إنما ‘ موضوعة في اللغة لإثبات ما اتصل بها ونفي ما انفصل عنها .
والضرب الثاني : أن يتجرد الإثبات عن حرف التحقيق كقوله ( ص ) ‘ في سائمة الغنم زكاة ‘ وكقوله ‘ القطع في ربع دينار ‘ فلمخرجه حالتان :
إحداهما : أن يكون جوابا لسائل عن الزكاة في سائمة الغنم فقال : ‘ في سائمة