پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص63

( فصل : [ القسم الثالث بيان المطلق والمقيد ] )

وأما القسم الثالث وهو المطلق والمقيد : فهو أن يرد الخطاب مقيدا بحال أو وصف أو شرط ثم يرد من جنسه مطلق غير مقيد بوصف ولا شرط .

والكلام فيه مشتمل على فصلين :

أحدهما : في المقيد هل يجب أن يكون حكمه مقصورا على الشرط المقيد به أم لا ؟

والثاني : في المطلق هل يجب حمله على حكم المقيد من جنسه أم لا ؟

فأما الفصل الأول في المقيد بالشرط : فهو عندنا وعند جمهور الفقهاء ينقسم قسمين :

أحدهما : ما كان تقييده بالوصف شرطا في ثبوت حكمه ، فيثبت الحكم بوجوده وينتفي بعدمه مثل قوله تعالى : ( وإن كنتم مرضى أو على سفر ) إلى قوله ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ) [ المائدة : 6 ] فكان تقييد التيمم بالمرض والسفر شرطا في إباحته وكقوله في كفارة الأيمان : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ) [ المائدة : 89 ] فكان العدم شرطا في جواز الصيام إلى نظائره وهذا القسم فيما كان معناه خاصا .

والقسم الثاني : ما لا يكون الوصف المقيد شرطا في حكم الأصل ويعم حكمه مع وجود الشرط وعدمه مثل قوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم ) [ النساء : 101 ] وليس الخوف شرطا في جواز القصر لجوازه مع الأمن وكقوله في جزاء الصيد : ( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ) [ المائدة : 95 ] وليس العمد شرطا في وجوبه لوجوبه على الخاطئ والعامد وكقوله في تحريم المناكح : ( وربائبكم اللائي في حجوركم من نسائكم ) [ النساء : 23 ] وليس كونها في الحجر شرطا في الحظر لتحريمها في الحالين .

وهذا القسم فيما كان معناه عاما .

والفرق بينهما يكون باعتبار معنى المقيد .

فإن كان خاصا كالقسم الأول ثبت حكم التقييد .

وإن كان معناه عاما كالقسم الثاني سقط حكم التقييد .

وأنكر أهل الظاهر ومنهم داود بن علي هذا القسم وأجروا جميع المقيد على تقييده وجعلوه شرطا في ثبوت حكمه يثبت بوجوده ويسقط بعدمه .