الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص53
وجوز آخرون منهم تقليد الخلفاء الأربعة من الصحابة دون غيرهم لقول النبي ( ص ) : ‘ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ‘ .
وجوز آخرون تقليد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما خاصة لقول النبي ( ص ) ‘ اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ‘ .
والدليل على فساد التقليد ، ووجوب الرجوع إلى أدلة الأصول ، قول الله تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) [ الشورى : 10 ] وقوله تعالى : ( لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) [ النساء : 83 ] فنفى أن يكون لغير المستنبط علم .
وروي أن عدي بن حاتم أتى رسول الله ( ص ) وفي عنقه صليب أو وثن فقال رسول الله ( ص ) : ‘ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ‘ . فقال عدي : ما اتخذوهم أربابا فقال : ‘ أليس يحرمون عليهم ما حل ويحلون لهم ما حرم ؟ ‘ قال : نعم قال : ‘ فتلك العبادة ‘ .
ولأنه لا يخلو حال المقلد من أن يقلد جميع الناس أو بعضهم فإن قلد جميع الناس لم يمكنه لاختلافهم ، وإن قلد بعضهم لم يكن قول من قلده بأولى من تركه فإن رجح صار مستدلا .
ثم يقال لمن قلد : صرت إلى التقليد بدليل أو بغير دليل ؟ فإن قال بدليل ناقض قوله صار مستدلا وغير مقلد .
وإن قال بغير دليل قيل : فهلا قلدت من قال بإبطال التقليد فلا يجد منه انفصالا إلا بدليل فبطل التقليد بالدليل .
وفي أمر رسول الله ( ص ) بالاقتداء بأصحابه ما يوجب ترك التقليد لأنهم حين اختلفوا في الجد والعول وغيره استدلوا ولم يقلد بعضهم بعضا .
فإذا تقرر فساد التقليد وجب النظر في أصول الشرع ليصل إلى العلم بموجبها . وأبطل قوم وجوب النظر وعولوا على الإلهام لقول الله تعالى : ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ) [ الحج : 46 ] فحملوه على إلهام القلوب دون اعتبارها .
وهذا تأويل فاسد وقول مطرح لقول الله تعالى : ( سنريهم آياتنا في الأفاق وفي