پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص47

وقد قال تعالى ( وتنذر به قوما لدا ) [ مريم : 97 ] وهذا قول البغداديين ، فينهي القاضي الخصم عن لدده ولا يبدأه قبل النهي بزجر ولا زبر فإن كف بالنهي كف عنه ، وإن لم يكف عنه قابله وغلبه بالزجر والزبر قولا لا يتعداه إلى ضرب ولا حبس .

ويكون زجره وزبره معتبرا من وجهين :

أحدهما : بحسب لدده .

والثاني : على قدر منزلته .

فإن لم يكف بالزجر والزبر بعد الثانية حتى عاد إلى ثالثة جاز أن يتجاوز زواجر الكلام إلى الضرب والحبس تعزيرا وأدبا يجتهد رأيه فيه بحسب اللدود وعلى قدر المنزلة . فإن كان في لدده شتم وفحش وكان غمرا سفيها ضربه إما بالعصا أو بالنعل على مقداره . وإن كان لدده تمانعا من الحق وخروجا عن الواجب وكان ساكتا حبسه .

فإن جمع في لدده بين الأمرين جاز أن يجمع في تعزيره بين الضرب والحبس . قد تحاكم إلى رسول الله ( ص ) الزبير مع رجل من الأنصار فلما قال الأنصاري بعد حكمه عليه للزبير في شرب أرضه أنه ابن عمتك قال النبي ( ص ) للزبير أمر الماء على بطنه واحبسه حتى يبلغ أصول الجدر فكان قوله أمر الماء على بطنه تعزيزا وفيه نزل قوله تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) [ النساء : 65 ] وكان ( ص ) يقسم الصدقات فقال له رجل : اعدل فقال رسول الله ( ص ) ويلك إذا لم أعدل فمن يعدل ؟ فكان هذا القول تعزيرا له وفيه نزل قوله تعالى ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) [ التوبة : 58 ] .

ولا ينبغي أن يكون القاضي في التعزير عسوفا خرقا ولا ضعيفا مهينا وليكن معتدل الأحوال وقورا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يصلح لأمور الأمة إلا رجل قوي في غير عنف لين من غير ضعف لا تأخذه في الله لومة لائم والله أعلم .

( [ القول في مشاورة القضاء ] )

:

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ويشاور قال الله عز وجل ( وأمرهم شورى بينهم ) [ الشورى : 38 ] وقال لنبيه ( ص ) ( وشاورهم في