الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص46
نستحب أن لا يخلو مجلس حكمه من شهود وفقهاء : أما الشهود فليشهدوا ما جرى فيه من إقرار وما نفذ فيه من حكم . وأما الفقهاء فليرجع إليهم ويشاورهم في أحكام الحوادث ولينبهوه على زلل إن كان منه ، ولا يردوا عليه ما يخالفونه من مسائل الاجتهاد ويمنع أن يحضر مع الخصم من ليس بوكيل له في المحاكمة من جميع الناس .
والوجه الرابع : أن يساوي بين الخصمين في مقعدهما والنظر إليهما وكلامه لهما ولا يخص أحدهما بترتيب ولا نظر ولا كلام كتب عمر في عهده إلى أبي موسى الأشعري على قضاء البصرة : آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك فأمره بالتسوية بينهم في وجهه وعدله ومجلسه ، وليكن جلوس الخصوم بين يديه جثاة على الركب ليتميز عن جلوس غير الخصوم فيكون أجمع للهيبة .
والوجه الخامس : أن يكون كلام الخصم مقصورا على الدعوى والجواب وكلام القاضي مقصورا على المسألة والحكم .
وحضور الخصوم في المحاكمة يسقط عنهم سنة السلام . فإن سلما جميعا رد القاضي عليهما .
وإن سلم أحدهما فقد اختلف أصحابنا في فرض رده على ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يرد عليه السلام في الحال .
والثاني : يرد عليه بعد الحكم .
والثالث : أن يرده في الحال عليهما معا .
ومنع بعض الفقهاء من الرد في الأحوال كلها ، لأن الخصم أوقع السلام في غير موقعه فلم يستحق الرد عليه والله أعلم .
فإذا تقرر ما وصفنا من آداب مجلسه من هذه الوجوه الخمسة فكان من أحد الخصمين لدد وفي اللدد تأويلان :
أحدهما : أنه شدة الخصومة ومنه قوله تعالى ( وهو ألد الخصام ) [ البقرة : 204 ] وهذا قول البصريين .
والثاني : أنه الالتواء عن الحق ومنه أخذ لدود الفم ، لأنه في أحد جانبي الفم ،