الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص45
وعاد رسول الله ( ص ) سعدا وجابرا في مرضهما ، وعاد غلاما يهوديا في جواره وعرض عليه الإسلام فأجاب .
ويجوز للقاضي في العيادة وشهود الجنازة أن يعم ويخص بخلاف الولائم التي يعم بها ولا يخص .
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الولائم من حقوق الداعي فاستوى جميعهم في استحقاق الإجابة والعيادة وحضور الجنائز من حقوقه لأنه يقصد به الثواب فجاز أن يخص .
والثاني أن في الولائم ظنة ليست في العيادة والجنائز فكان العموم فيها مزيلا للظنة .
وكذلك إتيانه مقدم الغائب يجوز أن يعم به ويخص إلا أن يكون للغائب خصم فلا يأتي مقدمه لئلا تضعف به نفس خصمه بظهور الممايلة والله أعلم .
قال الماوردي : مجلس الحكام في الأحكام يتميز عن مجالس غيرهم وعن مجالس أنفسهم في غير الأحكام من خمسة أوجه :
أحدها : فضل وقار القاضي فيها عن أن يبدأ أحدا بكلام أو سلام أو إكرام وليكن في دخول جميع المتنازعين إليه من شريف ومشروف مطرقا فقد حكي أن المهدي وهو أمير المؤمنين تقدم مع خصوم له بالبصرة إلى قاضيها عبيد الله بن الحسن العنبري فلما رآه القاضي مقبلا أطرق إلى الأرض حتى جلس مع خصومه مجلس المتحاكمين فلما انقضت الحكومة قام القاضي فوقف بين يديه فقال المهدي : والله لو قمت حين دخلت إليك لعزلتك ولو لم تقم حين انقضى الحكم لعزلتك . وإنما كان يعزله بالقيام قبل الحكم لممايلته ، ويعزله بالعقود بعد الحكم لترك حقه فيكون العزل الأول مستحقا والثاني أدبا فهذا وجه .
والوجه الثاني : أن يبعد مجالس الخصوم منه لأمرين : أحدهما ليكون أبلغ في الهيبة والثاني لئلا تسبق إليه تهمة أن يشير إلى أحدهما أو يشير إليه أحدهما بما يخالف الحق .
وليكن البساط الذي يجلس عليه متميزا عن بساط الخصوم ليكون أهيب له .
والوجه الثالث : أن لا يحضر في مجلسه مع الخصوم إلا من له بالحكم تعلق فإننا