الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص44
والوجه الثاني : أنهم لاختصاصهم بمصالح المسلمين يسقط عنهم فرض الإجابة بخلاف غيرهم ولذلك قال الشافعي : ولا أحب أن يتخلف عن الوليمة وأخرجه مخرج الاستحباب دون الوجوب لأن أمره عليه السلام يحتمل العموم ويحتمل الخصوص فيما عدا الولاة وهذا قول ابن أبي هريرة .
والوجه الثالث : أنه إن كان مرتزقا لم يحضر لأنه أجير للمسلمين فلم يجز أن يفوت عليهم حقهم من زمانه ، وإن كان متطوعا غير مرتزق حضر وكان كغيره من الناس .
فتكون الإجابة على الوجه الأول فرضا يأثم بتركه وعلى الوجه الثاني مستحبة يكره له تركها ، ولا يأثم بها على الوجه الثالث مفصلة باعتبار حاله في الارتزاق والتطوع .
ونظر في المرتزق فإن قل زمان حضوره فيها كاليوم أو ما قاربه لم يلزمه رد شيء من رزقه .
وإن طال زمان حضوره لها وأقل زمان طوله ثلاثة أيام فصاعدا رد من رزقه بقسط ما أخل بنظره . وإن أمر بالحضور وهو مختص بوليمة العرس دون غيرها نظر فإن كان ينقطع بها عن النظر في أحكام المسلمين . أو كانت تكثر فتفضي إلى البذلة امتنع من الحضور ولم يجب توفرا على الأحكام وحفظا للهيبة .
وإن قلت : ولم تقطعه عن النظر ولا أفضت به إلى البذلة حضرها اتباعا للسنة واقتداء بالرسول ( ص ) .
فإن قطعه عن الحضور عذر فذكره وسألهم التحليل .
وإذا أجاب عم بالإجابة كل داع ، وإذا امتنع عم بالامتناع كل داع ولم يخص بالإجابة قوما دون قوم لظهور الممايلة فيه وتوجه الظنة إليه ، والأولى به عندي في مثل هذا الزمان أن يعم بامتناعه جميع الناس ، لأن السرائر قد خبثت والظنون قد تغيرت .
قال الماوردي : وهذا صحيح . وهذه قرب يندب إليها جميع الناس فكان الولاة فيها كغيرهم . لأن المقصود بها طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله ( ص ) وطلب ثوابه وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ عائد المريض في مخرف من مخارف الجنة حتى يرجع ‘