الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص43
أحدها : أن الله تعالى قد نزه رسوله مما يتوجه إلى غيره من التهمة فقال ( وما هو على الغيب بضنين ) .
والثاني : أنه ما فعل ذلك بعد النبوة إلا نادرا قصد به بيان الأحكام فإنه ابتاع من أعرابي فرسا وقال له اختر . واستام من جابر بعيرا له فقال هو لك يا رسول الله فقال بل بعينه فتماكسا في ثمنه حتى استقر فلما قدما المدينة دفع إليه الثمن وأعاد إليه البعير وقال : أتظن أنني كسبتك أي غبنتك .
فدل بهذا على أحكام . منها جواز الاستطلاع في الأثمان وإن المغابنة فيها ممضاة لأنه اشتراه بأقل من ثمنه .
ومنها : أن مخالفة النبي ( ص ) فيما لا يتعلق بالشرع ليست بمعصية لأن جابرا ما أجابه إلى ما طلبه منه حتى زاده .
فإن احتاج القاضي إلى بيع أو شراء وكل من ينوب عنه ، ولا يكون معروفا به ، فإن عرف استبدل به من لا يعرف حتى لا يحابي فتعود المحاباة إليه .
فإن لم يحد في مباشرته للبيع والشراء بدأ واحتكم إليه من بايعه وشاراه اخترنا له أن لا ينظر في حكومته بنفسه ويستخلف من ينظر فيها فيكون بعيدا من التهمة فإنه وإن حكم بالحق لا يؤمن أن يكون قلبه إليه أميل من خصمه إن باشره أو إلى خصمه أميل إن عاشره .
فإن خالف ما اخترنا وتفرد بالبيع والشراء فأحكامه نافذة كحكمه في الغصب .
قال الماوردي : أما حضور الولائم إذا دعي إليها فيجوز أن يجيب لقول النبي ( ص ) ‘ لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت ‘ رواه أبو هريرة .
واختلف أصحابنا فيمن تعلقت عليه أمور المسلمين من الأئمة والقضاة هل يكونون في حضور الولائم مندوبين إليها كغيرهم ؟ على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهم مندوبون إلى حضورها معهم لعموم ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ أجيبوا الداعي فإنه ملهوف ‘ .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ من لم يجب الداعي فقد عصى أبا القاسم ‘ .