الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص40
والحال الثانية : أن يكون وصيا في تفريق الثلث وقضاء الدين فلا يتعداه إلى ولاية الأطفال ، ونظر في الوصية : فإن كانت لمعينين سقط اجتهاده فيها وصرف الدين والثلث في المسمين وإن كانت في موصوفين غير معينين اجتهد رأيه في دفعها إلى الموصوفين وصاروا بعد الدفع فيها كالمعينين فإن عدل بالثلث عن أهل تلك الصفة إلى غيرهم لم يجزه وإن كانوا أمس حاجة وضمن الثلاث لأهل تلك الصفة ولم يكن له استرجاع ما دفعه إلا أن يصدقوه على الوصية والصفة .
والحال الثالثة : أن يكون وصيا ، في الأمرين من ولاية الأطفال وتفريق الثلث فهي الوصية العامة فيلزمه أن يعمل في كل واحدة منهما ما كان يعمله لو انفرد به .
فإذا عرف القاضي ما إلى الوصي اختبر حاله في أمانته وقوته : فسيجده لا يخلو فيها من أربعة أحوال :
إحداها : أن يكون أمينا قويا وهو أكمل الأوصياء حالا فيقره القاضي على وصيته ولا يجوز أن يستبدل به .
والحال الثانية : أنه يكون أمينا ضعيفا لا يقدر على التفرد بتنفيذ الوصية فعلى القاضي أن يضم إليه من أمنائه من يقوى به في تنفيذ الوصية ولا يرفع يده لضعفه .
والحال الثالثة : أن يكون خائنا في الأمانة فاسقا في الديانة فلا يجوز للقاضي أن يقره عليها ويجب عليه أن يردها إلى غيره من الأمناء .
والحال الرابعة : أن يكون ثقة في الأمانة فاسقا في الديانة فينظر في الوصية فإن كانت بالولاية على الأطفال أو تفريق الثلث في غير معينين انتزعها منه القاضي وردها إلى غيره من الأمناء العدول وإن كانت الوصية في تفريق الثلث لمعينين أو قضاء الدين لمسمين جاز أن يقرها في يده للفرق بينهما : إن في تلك ولاية واجتهادا وليس الفاسق من أهلها وهذه مقصورة بالتعيين على التنفيذ دون الاجتهاد .
فإذا أبطلت الوصية بما ذكرنا من الخيانة والفسق لم يخل حاله في الوصية من أن يكون قد تصرف فيها أو كف عنها .
فإن كف عنها ولم يتصرف فيها رفع القاضي يده عنها ولا ضمان عليه فيها . وإن تصرف فيها اعتبر حال فسقه فإن كان خفيا يفتقر إلى اجتهاد نفذ تصرفه ولم يضمن إلا بالتعدي ما لم يحكم القاضي بفسقه ، وإن كان فسقه ظاهرا لا يفتقر إلى اجتهاد رد تصرفه ولم ينفذ .
فإن باع فسخ بيعه وإن فرق الثلث في معينين أو قضى دينا لمسمين لم يضمنه وأمضى فعله لوصوله إلى من تعين حقه فيه وإذا كان الثلث لمن لا يتعين من الفقراء