الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص33
في حال لا يتغير فيها خلقه ولا عقله والحاكم أعلم بنفسه فأي حال أتت عليه تغير فيها عقله أو خلقه انبغى له أن لا يقضي حتى يذهب وأي حال صار إليه فيها سكون الطبيعة واجتماع العقل حكم وإن غيره مرض أو حزن أو فرح أو جوع أو نعاس أو ملالة ترك ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح ينبغي للقاضي أن يعتمد بنظره الوقت الذي يكون فيه ساكن النفس معتدل الأحوال ليقدر على الاجتهاد في النوازل ويحترس من الزلل في الأحكام .
فإن تغيرت حاله بغضب أو حرد تغير فيها عقله وخلقه توقف عن الحكم احترازا من الزلل فيه لرواية الشافعي عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة عن النبي ( ص ) قال : ‘ لا ينبغي للقاضي أن يقضي بين اثنين وهو غضبان ‘ .
وروى قيس بن الربيع وأبو مالك عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أنه كتب إليه وهو بسجستان : أما بعد فلا تقض بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان ‘ .
فإذا لحق القاضي حال تغير فيها عقله أو خلقه أو فهمه من غضب أو حزن أو فرح أو مرض أو جوع أو عطش توقف عن الحكم حتى يعود إلى سكون نفسه وكمال عقله وهدوء طبعه وظهور فهمه وقد روى عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ لا يقضي القاضي إلا وهو شبعان ريان ‘ .
وروى أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا يقضي القاضي وهو غضبان مهموم ولا مصاب محزون ، ولا يقضي وهو جائع ‘ .