پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص4

أحدهما : بما تركوا من العمل ليوم الحساب .

والثاني : بما أعرضوا عن يوم الحساب .

وقال تعالى : ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم ) [ الأنبياء : 78 ] قال قتادة : النفش : وعي الليل ، والهمل وعي النهار .

( وكنا لحكمهم شاهدين ) وكان الحكم في غنم رعت كرم آخر ، وقيل زرعه ، فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم أو الزرع ، وحكم سليمان بأن تدفع الغنم إلى صاحب الكرم لينتفع بدرها ونسلها ويدفع الكرم إلى صاحب الغنم ليعمره حتى يعود إلى حالته ثم يرد الكرم وتسترجع الغنم .

فقال تعالى : ( ففهمناها سليمان ) فكان حكم الله تعالى فيما قضاه سليمان فرجع داود عن حكمه إلى حكم سليمان عليهما السلام .

فإن قيل فكيف نقض داود حكمه باجتهاد سليمان ؟ فعنه جوابان :

أحدهما : أن داود كان قد أفتى بهذا الحكم ولم ينفذه فلذلك رجع عنه .

والثاني : أنه يجوز أن يكون حكم سليمان عن وحي فيكون نصا يبطل به الاجتهاد .

ثم قال تعالى : ( وكلا آتينا حكما وعلما ) فيه وجهان :

أحدهما : أنه آتى كل واحد منهما من الحكم والعلم مثل ما أتاه للآخر .

والثاني : أنه آتى كل واحد منهما من الحكم والعلم غير ما آتاه للآخر .

وفي المراد بالحكم والعلم وجهان :

أحدهما : أن الحكم الاجتهاد والعلم النص .

والثاني : أن الحكم : القضاء والعلم : الفتيا .

قال الحسن البصري : لولا هذه الآية لرأيت الحكام قد هلكوا لكن الله تعالى عذر هذا باجتهاده وأثنى على هذا بصوابه .

وقال تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) [ النساء : 65 ] .

قال عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام : نزلت هذه الآية في الزبير ورجل من الأنصار قد شهد بدرا ، وقيل إنه حاطب بن أبي بلتعة ، تخاصما إلى رسول الله ( ص ) في شراج الحرة كانا يسقيان به نخلا لهما فقال النبي ( ص ) : ‘ اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك ‘ فغضب الأنصاري وقال إن كان ابن عمتك ؟ ! فتلون وجه رسول الله ( ص ) حتى