پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص502

نواه ، فأما إذا أطلق نذره ، ولم يذكر عدداً ، ولا نواه ، وقال : ‘ لله عليّ صوم ، أو صلاة ‘ لزمه صيام يوم واحد ، لأنه يستحق شرعاً ، فاستحق نذراً .

ولو قيل : يلزمه صيام ثلاثة أيام كان مذهباً ، لأنه أقل صوم ورد في الشرع نصاً ، فأما الصلاة ففيما يلزمه منها قولان :

أحدهما : وهو الأصح نقله المزني والربيع يلزمه منها ركعتان ، لأنها أقل الصلوات المفروضات .

والقول الثاني : تفرد الربيع بنقله ، تلزمه ركعة واحدة ، لأن أقل الوتر ركعة واحدة ، ولا اعتبار بهذا التعليل ، لأن الفرض أصل ، والوتر تبع ، فوجب إلحاقه بالأصل دون التوابع ، والله أعلم .

( فصل : )

وإذا نذر صلاة ركعتين في موضع بعينه فهو على ثلاثة أقسام :

أحدها : ما لا يتعين عليه فعل الصلاة ، ويكون مخيراً بين الصلاة فيه ، وفي غيره ، وهو إذا نذر أن يصلي في مسجد البصرة ، جاز أن يصلي في مسجد الكوفة .

ولو نذر أن يصلي في مسجد الكوفة ، جاز أن يصلي في مسجد البصرة ، لأن الصلاة في كل واحد منهما كالصلاة في الآخر وهذا متفق عليه .

والقسم الثاني : ما يجب عليه أن يصلي بنذره فيه ، ولا يجزئه في غيره ، وهو المسجد الحرام المختص بوجوب الفضل في الشرع .

وقال أبو حنيفة : لا تلزمه الصلاة فيه ، ويجوز أن يصليها في غيره كما لو نذر أن يصلي في جامع البصرة ، أو الكوفة ، لأنه ليس يلزم في الشرع الصلاة في موضع بعينه فلم يلزم في النذر .

ودليلنا قول الله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ) ( النحل : 91 ) . فكان إذاً على عمومه .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من نذر نذراً يطيقه فليف به ، ومن نذر نذراً سماه فعليه الوفاء به ‘ وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ صلاةٌ في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاةٍ في مسجدي وصلاةٌ في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه ‘ فجعل الصلاة في المسجد الحرام ، كمائة ألف صلاة في غيره ، فصار الناذر للصلاة فيه ، كالناذر لمائة ألف صلاة ، فلم يجزه عنها صلاة واحدة ، وبهذا المعنى فارق نذر الصلاة في غيره ، لأنه لا فضل لغيره من المواضع على غيره .

والقسم الثالث : ما اختلف قوله في وجوب الصلاة فيه ، وهو إذا نذر أن يصلي في المسجد الأقصى أو في مسجد المدينة ففي وجوب الصلاة فيه قولان ، بناء عل اختلاف قولي الشافعي في وجوب النذر بالمشي إليهما :