الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص482
في غيره ففيه قولان مبنيان على اختلاف قولي الشافعي في زكاة المال . هل يكون مصرفها في بلد المال مستحقاً ؟ أو مستحباً ؟ على قولين :
أحدهما : مستحب فعلى هذا يكون نحر نذره ، وتفرقة لحمها مستحباً في بلده ، ويجوز أن يعدل بهما إلى غيره فينحر في غير بلده ويفرق لحمه في مساكين غير بلده .
والقول الثاني : أن مصرف الزكاة في بلده مستحق ، فعلى هذا يكون تفرقة لحمه في مساكين بلده مستحقاً ، ولا يجوز أن يعدل بهم إلى غيرهم ، وفي وجوب نحره في بلده وجهان :
أحدهما : يجب .
والثاني : يستحب ، وتعليلهما قد تقدم .
قال الماوردي : قد ذكرنا أنه إذا نذر أن يمشي إلى موضع من الحرم ، انعقد نذره ، ولزمه أن يمشي إليه حاجاً ، أو معتمراً ، سواء كان ما سماه من مواضع لحرم مختصاً بنسك ، أم لا .
وقال أبو حنيفة : لا ينعقد نذره إلا إذا نذر المشي إلى بيت الله الحرام ، أو إلى مكة ، ولا ينعقد بذكر غيرها من بقاع الحرم احتجاجاً بأن ما عداهما من الحرم ، لا يلزم إتيانهما شرعاً ، فلم يلزم إتيانها نذراً كالحل ، ودليلنا قول الله تعالى : ( أَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ) فكان على عمومه إلا ما خصه دليل ، ولأنه موضع يلزم الإحرام له ، فانعقد النذر به كالمسجد الحرام ، ولأنه موضع يلزم جزاء صيد ، فانعقد النذر بقصده قياساً على مكة ، وفارق الحل بهذا المعنى ، ولأن الحرم أعم ، فكان النذر به ألزم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا نذر أن يمشي إلى موضع من الحل ، لم ينعقد به النذر سواء تعلق به من أفعال الحج شيء ، أو لم يتعلق كعرفة ، والمواقيت لأنها حل لا يضمن صيدها ، ولا يلزم الإحرام لها ، فساوت غيرها من بقاع الحل ، وإنما يلزم قصدها مقترناً بغيرها من انعقاد النسك ، الذي أوجب قصدها ، وعلى هذا التعليل يلزم أن يجب النذر بالمشي إلى عرفة ، ولأن قصدها يجب بالشرع ، فوجب النذر .