الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص481
وفي تفريق لحمه وجهان ، حكاهما الإسفراييني أصحهما في الحرم اعتباراً بالعرف .
والوجه الثاني : أن يكون على خياره في تفريقه في الحرم وغيره اعتباراً بالإطلاق .
أحدهما : أن ينذر نحره بالبصرة ، وتفريق لحمه بالبصرة ، فقد لزمه بالنذر تفريق لحمه بالبصرة ؛ لأنه جعله لمساكينها ، فلم يجز أن يفرقه في غيرهم ، وفي وجوب نحره بالبصرة وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي وظاهر ما نقله المزني ، أن عليه أن ينحره بالبصرة ، ويصير النحر بها لازماً بالنذر ، كما لو نذر نحره بالحرم ، فإن نحره بغير البصرة ضمنه .
والوجه الثاني : لا يلزمه نحره بالبصرة ، ويستحب له ، وإن لم يجب عليه ؛ لأنه وإن دخل في نذره فليس للنحر بالبصرة قربة ، لا توجد بغيرها ، وللنحر بمكة قربة لا توجد في غيرها ؛ لاختصاصها بنحر الهدايا ؛ فلذلك تعين النحر في الحرم ، ولم يتعين في غير الحرم .
والقسم الثاني : أن ينذر نحره بالبصرة وتفريق لحمه في غير البصرة ، فلا يلزمه نحره بالبصرة ، إذا كان تفريق لحمه مستحقاً في غيرها ، لأنه لا فضل لنحره فيها على نحره في غيرها ، بخلاف نحره في الحرم الذي هو أفضل منه في غير الحرم ، ولا يلزمه نحره في الموضع الذي يستحق فيه تفريقه لأنه غير مستقر في نذره ، وله نحره حيث شاء وإن كانت البصرة لأجل التسمية أولى ، وإذا وصل لحمه طرياً إلى مستحقه .
والقسم الثالث : أن ينذره نحره بالبصرة ، ويطلق تفرقه لحمه ، فلا يجعله لمساكين البصرة ولا لغيرهم . ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يلزمه نحره بالبصرة ، وتفرقة لحمه بالبصرة ، اعتباراً بالنذر والعرف .
والوجه الثاني : يلزمه نحره بالبصرة ، ويجوز تفرقة لحمه في غير البصرة ، اعتباراً بالنذر دون العرف .
والوجه الثالث : يلزمه تفرقة لحمه بالبصرة ، ويجوز له نحره في غير البصرة ، اعتباراً بالعرف دون النذر ، لأنه لا فضيلة في تعيينها بالنذر .