الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص480
مطبوخاً ؛ فإن دفعه إليهم مطبوخاً صار متعدياً في حقهم ، فضمن لهم بين قيمته نيئاً ومطبوخاً إن كان الطبخ قد نقص منه ، وإن لم يتعين مستحقه من المساكين جاز أن يدفعه إلى من شاء منهم إن كانوا ثلاثة فصاعداً ، ويجوز أن يساوي بينهم ويفاضل ؛ فإن نذر نحره لأغنياء خاصة معينين ، أو غير معينين ، نظر فإن اقترن به نوع من القرب ليتأسى به الأغنياء في التوسع ؛ لزم نذره ، وإن تجرد عن القربة وقصد به المباهاة ، والتطول ، لم يلزم نذره فلو أطلق من نذر نحره لهم انصرف إلى الفقراء والمساكين دون الأغنياء ؛ لاختصاصهم بالقرب ، وحاز أن يصرف في ستة أصناف في مستحقي الزكاة من الفقراء ، والمساكين ، وفي الرقاب والغارمين ، وفي سبيل الله وابن السبيل ، وسقط منهم صنفان ، العاملون عليها ، والمؤلفة قلوبهم .
والضرب الثالث : أن يطلق نذر نحره فلا يجعله لنفسه ولا لغيره فيحمل مع الإطلاق على العرف المقصود بالنذر وعرف النذر متوجه إلى غيره ، فصار نذر نحره لغيره ، فينعقد النذر لازماً .
أحدها : أن يعين نحره في الحرم .
والثاني : أن يعين نحره في غير الحرم .
والثالث : أن يطلق محل نحره ، ولا يعين في حل ولا حرم .
فأما الضرب الأول ؛ إذا عين نحره في الحرم فعلى ثلاثة أقسام :
أحدها : أن ينذر نحره في الحرم ، وتفرقة لحمه في الحرم ، فعليه أن يجمع بين الأمرين في الحرم النحر وتفرقة اللحم فإن نحره في غير الحرم ، أو فرق لحمه في غير الحرم لم يجز ، وكان مضموناً عليه ؛ لأن كل واحد منهما قربة مقصودة بالنذر .
القسم الثاني : أن ينذر نحره في الحرم ، وتفريق لحمه في غير الحرم فقد صار معيناً لمساكين غير الحرم فلا يجوز أن يفرقه في مساكين الحرم وفي وجوب نحره في الحرم قولان حكاهما ابن أبي هريرة :
أحدهما : يجب نحره فيه ؛ لانعقاد نذره به مع اختصاص الحرم بقربة النحر .
والقول الثاني : لا يجب نحره فيه ؛ اعتباراً بمستحقي لحمه ويستحب له نحره في الحرم إن وصل إليهم طرياً ، ولا يستحب إن لم يصل طرياً .
والقسم الثالث : أن ينذره نحره في الحرم ويطلق تفريق لحمه ، ولا يجعله لمساكين الحرم ولا لغيرهم ، فيلزمه نحره في الحرم على موجب نذره .