الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص479
أحدهما : ينعقد بما نذره من الصلاة في الحرم إذا قيل : إنه يجوز له دخول الحرم .
أحدهما : لا تتعين ويجوز أن يصليها في أي موضع شاء من الحرم ؛ لأن حرمة جميع الحرم واحدة ، ولأن يشاهد الكعبة في صلاته أفضل من أن لا يشاهدها ، قال رسول الله ( ص ) : ‘ النظر إلى الكعبة عبادةٌ ‘ .
والثاني : يتعين عليه فعلها في مسجد الخيف ، ولا يجزئه في غيره اعتباراً بصريح نذره وإن نذر الصلاة في المسجد الأقصى ؛ لا تجزئه في غيره ؛ لرواية أبي هريرة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لو كنت امرأ من أهل مكة ما أتى علي سبت حتى آتي مسجد الخيف فأصلي فيه فهذا حكم الوجه الأول إذا قيل : إن نذره منعقد بما نذر .
والوجه الثاني : أن يلتزم بانعقاد نذره أن يحرم بحج أو عمرة إذا قيل : إنه لا يجوز له دخول الحرم إلا بإحرام ، فعلى هذا في التزامه ما عقد به نذره من الصلاة وجهان :
أحدهما : لا يلزمه فعل الصلاة ؛ لأن الشرع قد نقل نذره إلى ما هو أعظم منه ، فلم يجمع عليه بين بدل ، ومبدل .
والوجه الثاني : أن فعل الصلاة لا تسقط عنه لأنه ملتزم بها بنذره ، وملتزم الإحرام بدخول الحرم ، فصارت الصلاة واجب عليه بالنذر ، والإحرام واجبة عليه بالشرع ، فلم يجتمع فيه بدل ومبدل والله أعلم .
قال الماوردي : وأما نذر النحر فعلى ثلاثة أضرب :
أحدها : أن ينذر النحر لنفسه ، فلا ينعقد به النذر ، ولا يلزم فيه الوفاء ؛ لأن النذر ما اختص بالقربة ولا نذر فيما تجرد عنها ، وهذا عائد إليه فتجرد عن قربة فلم يلزم كما لو نذر أن يأكل طعاماً ، أو يلبس ثوباً .
والضرب الثالث : أن ينذر نحره للمساكين ؛ فهذا نذر لازم لاختصاصه بالقربة ، فإن نذره لقوم معينين لم يجز أن يعدل إلى غيرهم ، ولزمه نحره قبل دفعه إليهم وإن دفعه حياً إليهم لم يجز لأمرين :
أحدهما : لما في إراقة دم الهدي من القربة .
والثاني : أنه جعل حقهم في لحمه ، ويدفع إليهم لحمه نيئاً ولا يجوز أن يطبخ قبل دفعه إليهم ؛ لأن انتفاعهم به نيئاً يصنعون به ما شاؤوا أعم من انتفاعهم به