الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص478
أحدهما : أنه مخير فيما شاء من صلاة أو صيام أو اعتكاف ؛ لأن جميعها عبادات يتقرب بها إلى الله تعالى .
والوجه الثاني : يلزمه فيهما الصلاة خاصة لاختصاص المساجد بالصلاة عرفاً فاختص بهما نذراً وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره ‘ ، وإن عين في نذره ما يفعله من العبادات في هذين المسجدين فقال : لله علي أن أصلي في المسجد الأقصى ، ومسجد المدينة ، أو قال : لله علي أن أعتكف فيهما ، أو أصوم فيهما انعقد نذره بالقصد ، وانعقد نذره بالعبادة ولزمته العبادة التي عينها من صلاة أو صيام أو اعتكاف ولم يجز أن يعدل عنها إلى غيرها .
فإذا نذر أن يمشي إلى المسجد الأقصى وأن يصلي فيه ركعتين انعقد نذره بالأمرين جميعاً .
أما المشي إليه ففي وجوبه وجهان كالمشي إلى الحرم :
أحدهما : لا يجب ويكون محمولاً على القصد فإن مشى أو ركب جاز ، وإن كان المشي الذي صرح به أفضل .
والوجه الثاني : أن المشي إليه واجب ولا يجوز له أن يركب اعتباراً بصريح لفظه في نذره فعلى هذا إن ركب إليه ، ولم يمش ففي إجزائه وجهان :
أحدهما : لا يجزئه إذا قيل : إن نذره مقصور على الوصول إليه ؛ لأنه يصير بالمشي هو العبادة المقصودة ، وعليه إعادة قصده إليه ماشياً .
والوجه الثاني : يجزئه إذا قيل : إنه يلتزم بقصده فعل عبادة فيه ؛ لأنه يصير المقصود بالنذر هو فعل العبادة فيه ، ولا يلزمه أن يجبر ترك المشي بفدية ، كما قيل : في المشي إلى الحرم لاختصاص الفدية يجبران الحج ، دون غيره من العبادات .
فأما الصلاة فيه فقد لزمته بالنذر في استحقاق فعلها فيه وجهان :
أحدهما : أنها مستحقة فيه فإن صلاها في غيره من المساجد ؛ لم يجزه إذا قيل إنه يلتزم بقصده فعل عبادة فيه .
والوجه الثاني : أنه غير مستحق فيه ؛ فإن صلاها في غير أجزأه لأنه لا يلتزم بقصده فعل غيره ، والأظهر من الوجهين لزوم صلاته فيه ، وإنها لا تجزئه في غيره .