الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص471
والوجه الثاني : أنهما يجبان بالشرط ؛ فيلزمه أن يمشي إذا شرط المشي ويلزمه أن يركب إذا شرط الركوب ، لأن في المشي زيادة عمل وفي الركوب زيادة نفقة ، وكلاهما قربة لله تعالى وليس من شرط النذر أن لا يلزم فيه إلا ما وجب بالشرع كما يلزم فيه الأضحية والاعتكاف وإن لم يجب فيه الشرع .
والوجه الثالث : وهو أشبه : أن المشي يلزم باشتراطه ، ولا يلزم الركوب باشتراطه ؛ لأن في المشي مشقة ، فلزم لتغليظه ، وفي الركوب ترفيه فلم يلزم لتحقيقه وأداء الأخف بالأغلظ مجزئ وأداء الأغلظ بالأخف غير مجزئ .
وقد روي أن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حجا ماشيين .
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ‘ ما آسى على شيء كما آسى على أن لو حججت في شبابي ماشياً ‘ .
وقد سمعت الله تعالى يقول : ( يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ ) ( الحج : 27 ) فبدأ بالرجالة قبل الركبان .
فإن قيل بالوجه الأول : إن المشي والركوب لا يجبان بالشرط ، لزمه أن يحرم بالحج من ميقاته ولم يلزمه الإحرام فيه من بلده اعتباراً بفرض الحج في الإحرام كما اعتبر بفرضه في سقوط المشي والركوب .
وإن قيل بالوجه الثاني إن المشي والركوب يجبان بالشرط ابتدأ بكل واحد منهما عند مسيره من دويرة أهله ولزمه الإحرام فيها من بلده ؛ لأنه لما صار المشي والركوب من حقوق هذا الحج ، المندوب وإن لم يكن من حقوق حج الإسلام وجب أن يقترن به الإحرام ليصير به داخلاً في لوازم النذر .
وإن قيل بالوجه الثالث : إن المشي واجب بالشرط ، والركوب غير واجب بالشرط ، لزمه في اشتراط المشي أن يحرم من بلده ، وفي اشتراط الركوب أن يحرم من ميقاته .