پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص468

( فصل : )

فأما مسألة الكتاب : فصورتها فيمن نذر أن يمشي إلى بيت الله فله حالتان :

إحداهما : أن يصفه ببيته الحرام . فيقول : لله علي أن أمشي إلى بيت الله الحرام ؛ فينعقد به النذر ، ويلزم فيه الوفاء ؛ لأنه من طاعات الله التي يتعبد بها .

وهكذا لو قال : لله عليّ أن أذهب إلى بيت الله الحرام ، أو أقصده ، أو أمضي إليه انعقد به النذر كالمشي إليه .

وقال أبو حنيفة : ينعقد نذره بالمشي إليه ، ولا ينعقد بالقصد له والذهاب إليه ؛ لأنه بالمشي يريد القربة وبالقصد والذهاب غير مريد لهما . وهذا فاسد من وجهين :

أحدهما : قول الله تعالى : ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ ) ( الحج : 27 ) فجعل الركوب صفة لقاصديه كالمشي .

والثاني : أن القصد ، والذهاب يعم المشي والركوب فدخل حكم الخصوص في العموم .

والحال الثانية : أن لا يصفه بالبيت الحرام ، ويقتضي على قوله : لله عليّ أن أمشي إلى بيت الله فله ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يريد به بيت الله الحرام ، فيصير بإرادته في حكم من تلفظ به في انعقاد نذره .

والحال الثانية : أن يريد به غيره من بيوت الله ، ومساجده التي لا فضل لنا على غيرها ، فلا ينعقد به نذر ، ولا يلزمه فيه وفاء على ما سنذكره من بعد .

والحال الثالثة : أن يطلق نذره ، ولا يقترن به إرادة ، ففي إطلاقه قولان :

أحدهما : وهو ظاهر ما نقله المزني هاهنا ، أن معهود إطلاقه يتوجه إلى بيت الله الحرام عرفاً ؛ فتوجه النذر إليه حكماً ، فصار بالعرف كالمضمر فيصير النذر به منعقداً .

والقول الثاني : وهو ظاهر ، ما قاله الشافعي في كتاب الأم ونقله أبو حامد المروزي في جامعه أنه اسم مشترك ينطلق على مساجد الله كلها فلم يتعين إطلاقه من بعضها ، ولا يحمل إطلاقه على إضمار تجرد عن نية فعلى هذا لا ينعقد به النذر ، ولو احتاط بالتزامه كان أولى .

( فصل : )

فإذا ثبت انعقاد النذر بقصد بيت الله الحرام لم يخل حال منذره من ثلاثة أقسام :