پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص466

الشمس فسأل عنه فقالوا : هذا أبو إسرائيل نذر أن يصوم ولا يقعد ، ولا يستظل ، ولا يتكلم فقال : ‘ مروه فليتكلم ، وليستظل وليقعد وليتم صومه ‘ فأسقط عنه ما لا طاقة فيه ، وأمره بالتزام بما فيه طاعة .

وروى ابن عون حديثاً أسنده أن رجلاً حج مع ذي قرابة مقترناً به فرآه النبي ( ص ) فقال : ‘ ما هذا ؟ قيل : إنه نذر فأمر بالقران أن يقطع ؛ لأنه لما لم يكن في الاقتران طاعة لله ، أسقطه من نذره والمعصية أن يقول : إن كان كذا قبلت فلاناً ، أو زنيت بفلانة ، إن أثبت ، أو لا صليت ، ولا صمت إن نفى فهذا جزاء باطل ، وهو عندنا باعتقاده عاص ، فصار شرط النذر منعقداً بنوعين بطاعة ، ومباح ، وغير منعقد بنوع واحد وهم المعصية ، وصار الجزاء لازماً بنوع واحد وهو الطاعة وغير لازم ، بنوعين وهما المباح ، والمعصية .

فعلى هذا إذا قال : إن هلك فلان ؛ وهبت داري لفلان فإن كان الهالك من أعداء الله ، انعقد به الشرط ؛ لأنه طاعة ، وإن لم يكن من أعدائه ، لم ينعقد به الشرط ؛ لأنه معصية وإن كان الموهوب له ممن يقصد بهبته الأجر والثواب لزم به الجزاء ؛ لأنه طاعة ، وإن كان ممن يقصد بهبته التواصل والمحبة لم يلزم به الجزاء ؛ لأنه مباح ولو قال : إن سلم الله مالي وهلك مال فلان أعتقت عبدي وطلقت امرأتي انعقد نذره على سلامة ماله ولم ينعقد على هلاك مال فلان لأن ما شرطه من سلامة ماله مباح ، وما شرطه من هلاك مال غيره معصية ، ولزمه في الجزاء عتق عبده ، ولم يلزمه طلاق امرأته ؛ لأن الجزاء بالعتق طاعة ، والجزاء بالطلاق مباح .

ولو جعل ذلك شرطاً في وقوع العتق والطلاق فقال : إن سلم الله مالي وهلك مال فلان فامرأتي طالق وعبدي حر انعقد الشرطان ، ووقع بهما العتق والطلاق وصار شرط المعصية معتبراً كشرط الطاعة والجزاء فيه بمباح الطلاق واقع كوقوعه بمستحب العتق ؛ لأنه صار خارجاً عن أحكام النذور إلى وقوع العتق والطلاق بالصفات ، ثم نجعل ما ذكرناه قياساً مستمراً في نذر المجازاة .

وأما نذر التبرر فهو أن يقول مبتدأ لله علي كذا فيبتدئ بالتزام ما ليس بلازم فهو نوعان : طاعة ، وغير طاعة .

فأما الطاعة التي يقصد بها التقرب إلى الله عز وجل فهو أن يقول : لله عليّ أن أحج ، أو أعتمر ، أو أصلي ، أو أصوم ، أو أعتكف ، أو أتصدق بمالي ، أو ما جرى مجرى هذا من أنواع القرب ، فقد اختلف أصحابنا في انعقاد نذره ، ووجوب الوفاء به على وجهين :