پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص461

والقسم الرابع : ما يكون مخيراً في التزامه بين الوفاء بما أوجبه على نفسه وبين كفارة يمين وهو ما قدمناه في مسألة الكتاب أن يعلق نذره بفعل نفسه ولا يعلقه بفعل الله تعالى فيه ليمنع نفسه بالنذر من فعل شيء أو يلتزم به فعل شيء فيصير يميناً عقدها بنذر فهي التي يكون فيها مخيراً بين الوفاء بنذره وبين كفارة يمين لترددها بين أصل النذر وأصل الأيمان ، فإن كان النذر بمال أو صلاة كان مخيراً بين كل واحد منهما وبين الكفارة وإن كان النذر بحج قال الشافعي في كتاب الأم : فيه قولان فتمسك أبو حامد الإسفراييني بظاهر كلامه ، ووهم في مراده فخرج مذهبه فيه على قولين :

أحدهما : يكون مخيراً بين الحج والكفارة كما كان مخيراً بين الصلاة والكفارة .

والقول الثاني : يلزمه الحج ولا يجوز له العدول عنه إلى الكفارة بخلاف الصلاة والصدقة ، وتكلف الفرق بينهما بأن الحج يلزم بالدخول فيه دون غيره ، فصار أغلظ في الالتزام من غيره ، وذهب جمهور أصحابنا إلى أن مذهبه لم يختلف فيه ، كما لم يختلف في غيره ، وأنه مخير بين الحج والكفارة ، كما كان مخيراً بين الصلاة والصدقة وبين الكفارة .

وحملوا قول الشافعي فيه قولان على أنه يريد به للفقهاء ؛ لأن لهم في الصدقة أقاويل حكاها وليس لهم في الحج إلا قولان .

إما التزامه وإما التخيير بينه وبين التكفير ، وإن كان مذهبه فيه التخيير .

والقسم الخامس : ما اختلف حكمه باختلاف مراده وهو أن يقول إذا دخلت البصرة فعليّ صدقة ، أو إن رأيت زيداً فعلي الحج فينظر فإن أراد به الترجي لدخول البصرة وللقاء زيد فهو معقود على فعل لله تعالى دون فعل نفسه فهو نذر جزاء وتبرر ، فيلزمه الوفاء بنذره وإن أراد به منع نفسه من دخول البصرة ورؤية زيد فهي يمين عقدها على نذر ، فيكون مخيراً فيها بين الوفاء ، والتكفير .

والقسم السادس : ما اختلف حكمه لاختلاف الرواية فيه ، وهو أن يعلق نذره بتحريم ماله عليه فيقول : أن دخلت الدار فمالي عليّ حرام . فهو موقوف على ما حرمه رسول الله ( ص ) على نفسه من مارية حتى أنزل الله عليه : ( لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهً لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتِ أَزْوَاجِكَ ) ( التحريم : 1 ) ثم قال : ( قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تِحِلَّةَ أيْمَانِكُمْ ) ( التحريم : 2 ) .

فاختلفت الرواية في الذي حرمه رسول الله ( ص ) على نفسه فروى الأكثرون ، أنه حرم مارية . فعلى هذا لا يلزم الحالف في تحريمه غير ذات الفروج من ماله شيء ، وتكون اليمين فيه لغواً .