الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص460
فعله فإذا تقرر تخييره بين هذا النذر وبين الوفاء والكفارة فقد اختلف أصحابنا في الواجب عليه على وجهين :
أحدهما : أن الواجب عليه أحدهما وهما في الوجوب على سواء وله الخيار فيما شاء منهما .
والوجه الثاني : أن الواجب عليه الكفارة وله إسقاطهما بالنذر لأن حكم اليمين أغلب وهي بالله تعالى أغلظ وإن كان الوفاء بالنذر أفضل .
أحدها : ما يلزمه فيه الوفاء بما أوجبه على نفسه وهو نذر الجزاء والتبرر إذا قال : إن شفاني الله تصدقت بمالي أو حججت البيت الحرام أو صمت شهراً أو صليت ألف ركعة فعليه إذا شفاه الله أن يفعل ما التزمه من الصدقة بماله كله .
وفي قدر ما يستر به عورته وجهان :
أحدهما : يتصدق به لأنه من ماله .
والوجه الثاني : لا يجوز أن يتصدق به لاستثنائه بالشرع في حقوق الله تعالى فخرج من عموم نذره .
وإن أوجب الحج لزمه أن يحج مستطيعاً كان أو غير مستطيع ، بخلاف حجة الإسلام التي يتعلق وجوبها بالاستطاعة وتعلق وجوب هذه بالنذور وإن أوجب الصلاة صلى ، وفي وجوب القيام فيها وجهان :
أحدهما : يلزمه القيام فيها مع القدرة لوجوبها كالفروض .
والوجه الثاني : لا يلزمه القيام فيها ؛ لأنها لم تجب عليه بأصل الشرع فكانت بالتطوع أشبه .
والقسم الثاني : ما يلزمه فيه من الصدقة بقليل ماله وهو أن يقول : إن شفاني الله فلله علي نذر فينصرف إطلاق هذا النذر إلى الصدقة ؛ لأنها الأغلب من عرف النذور ، ولا يتعذر إطلاقها بمال فجازت بقليل المال اعتباراً بالاسم .
والقسم الثالث : ما يلزم فيه الكفارة وحدها وهو أن يقول : إن دخلت الدار فلله عليّ نذر ، فيلزمه الكفارة وحدها تغليباً لحكم اليمين على النذر ؛ لأن كفارة اليمين معلومة ، وموجب النذر المطلق مجهول ، فلم يجز أن يقع التمييز بين معلوم ومجهول .