الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص456
أعطاه دابة جعلها برسم ركوبه ولم يملكه إياها فركبها الحالف لم يحنث ، وكذلك لو قال : لا سكنت دار هذا العبد ، وكان سيد قد أعطاه داراً جعلها مسكنة لم يحنث .
وقال أبو حنيفة : يحنث في الدابة ولا يحنث في الدار وفرق بينهما بأن تصرف العبد في الدابة أقوى من تصرفه في الدار ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن إضافتهما إليه سواء في الحكم فلما لم يحنث في الدار لعدم ملكه وجب أن لا يحنث في الدابة لأنها على غير ملكه .
والثاني : أن الإضافة محمولة على الملك حقيقة ، وعلى اليد مجازاً ، والأيمان محمولة على الحقائق دون المجاز ، كما لو كانت الدابة في يد سائسها ، فإن قيل : لو حلف لا يملك ثمرة هذه النخلة حنث بملكها ، وأن لم تكن إضافة ملك ، قيل : لما استحال فيها إضافة الملك حملت على ما لا يستحيل لوجوده في شواهد المعقول ، وهي على الضد من الإضافة إلى العبد .
وقال أبو حنيفة : ويحنث في الدار ولا يحنث في الدابة بناء على ما تقدم من مذهبه ، وإذا كانت الإضافة محمولة على الملك استعمالاً لحقيقتها دون مجازها وجد به قياساً مستمراً وأصل هذه المسألة إذا حلف لا يسكن دار زيد فسكن داراً يسكنها زيد وبكر لم يحنث عندنا ، وحنثه أبو حنيفة ، وقد تقدم الكلام معه .
ويتفرع على هذا إذا حلف لا يركب دابة المكاتب فركب دابته حنث بها الحالف على قول جمهورهم ؛ لأن المكاتب مالكها ، ولم يحنث بها من قول من شذ منهم ؛ تعليلاً بأن ملكه غير مستقر .