الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص455
قصداً ، لاستعطافه ، والهبة لمن كافأ قصداً لمحبته ، والصدقة على من دنا قصداً لثوابه ، والنحل على من ناسب قصداً لبره ، ولا يمنع اختلافهما في المقاصد من تساويهما في الحكم والله أعلم .
أحدهما : يحنث به ؛ لأنه نوع من الهبة .
والوجه الثاني : لا يحنث به ؛ لتعلقه بالذمة دون العين ، ولو حلف لا يهب لمكاتبه فأبرأ من مال كتابته لم يحنث وجهاً واحداً ، لأن إبراء المكاتب عتق والعتق ليس بهبة ، ولو حلف لا يهب فعفى عن قود قد استحق لم يحنث ؛ لأن القود ليس بمالٍ فإن جاز أن ينتقل إلى ماله وكذلك لو عفى عن الشفعة لم يحنث بها ؛ لأنه لا يجوز أن يعاوض عليها ، ولو وقف وقفاً .
فإن قيل : إن رقبة الوقف لا تملك لم يحنث به ، وإن قيل : إنها تملك ففي حنثه وجهان :
أحدهما : يحنث به لنقل ملكه بغير بدل .
والوجه الثاني : لا يحنث به ؛ لأن ملكه غير تام بمنعه من كمال التصرف فيه .
ولو أولم ودعا إلى طعامه فأكل منه لم يحنث ؛ لأن طعام الولائم غير موهوب ، وإنما هو مأذون في استهلاكه على صفة مخصوصة ، سواء قيل : إن الأكل يتملكه بالأكل أو يتملكه بالتناول لما ذكرنا من التعليل .
ولو وصى بوصية لم يحنث بها ، لأنها عطية تملك بعد الموت ، والحنث لا يقع بعد الموت .
ولو أعار عارية لم يحنث بها ؛ لأن العواري تملك بها المنافع دون الأعيان ، والهبات ما ملك بها الأعيان ؛ ولأن ملك المنافع في العواري غير مستقر ما يستحقه المعير من الرجوع فيها متى شاء وهو تعليل الشافعي .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا حلف لا يركب دابة هذا العبد وكان سيده قد