پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص454

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولو حلف لا يهب له هبةً فتصدق عليه أو نحله أو أعمره فهو هبةٌ فإن أسكنه فإنما هي عاريةٌ لم يملكه إياها فمتى شاء رجع فيها وكذلك إن حبس عليه ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا حلف لا يهب له هبة ، فالهبة مما تبرع بتمليكه من الأعيان في حياته من غير عوض يتملك عنها ، فيحنث بالهبة إذا قبضها بعد العقد ولا يحنث بالعقد قبل القبض ، ويحنث بالهدية إذا قبضت وإن لم يتقدمها عقده لأن العقد يعتبر في الهبات ، ولا يعتبر في الهدايا على ما قدمناه من أحكامها في كتاب العطايا ويحنث بالعمرى والرقبى ؛ لأنها من الهبات ؛ لقول رسول الله ( ص ) : ‘ العمرى لمن وهبت له ‘ ، وهذا مما وافق عليه أبو حنيفة ، ثم إذا قبضت الهبة عن عقد تقدمها ففي زمان حنثه وجهان مخرجان من اختلاف قولين حتى يملك الهبة :

أحدهما : بالقبض ، فعلى هذا يحنث وقت إقباضها .

والثاني : أنه يدل القبض على ملكها وقت عقدها ، فعلى هذا يكون حانثاً وقت العقد .

ويتفرع على هذين القولين إذا عقد الهبة ونقل ، أو سلم فلم يقبلها الموهوب له فردها ، ففي حنثه وجهان :

أحدهما : لا يحنث ؛ لأن الهبة لم تتم تخريجاً من قوله : إنها تملك بالقبض .

والوجه الثاني : أنه يحنث لتعلقها بفعله ، تخريجاً من قوله : إنها تملك بالعقد .

( فصل : )

فأما إذا تصدق عليه بالصدقة فالصدقة ضربان فرض وتطوع ، فإن كانت فرضاً كالزكاة والكفارة لم يحنث بها اتفاقاً لخروجها عن تبرع الهبات ، ولو كانت تطوعاً كانت هبة يحنث بها .

وقال أبو حنيفة ليست من الهبات ، ولا يحنث بها ؛ احتجاجاً بأمرين :

أحدهما : اختلافهما في الاسم لأن لكل واحدٍ منهما اسماً .

والثاني : لاختلافهما في الحكم ، لأن لكل واحدٍ منهما حكماً .

ودليلنا أمران :

أحدهما : لاتفاقهما في التبرع ؛ لأن كل واحدٍ منهما متبرع .

والثاني : لاتفاقهما في سقوط البدل ؛ لأن كل واحدٍ منهما على غير بدل فأما اختلافهما في الاسم ؛ فلأن الصدقة نوع في الهبة ، فدخلت في اسم العموم ، وأما اختلافهما في الحكم فهما فيه عندنا سواء وإنما تختلف في المقاصد . فالهدية لمن علا