پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص452

والثالثة : أن يحلف أن يضربه مائة ضربة .

فأما الحال الأولى : إذا حلف أن يضرب مائة مرة ، فعليه في البر أن يفرقها ، ولا يجوز أن يجمعها ، فإن جمعها وضربه بها كانت مرة واحدة ، كما لو رمى الجمرة بسبع حصيات دفعة واحدة اعتدها بحصاة واحدة ، حتى رمى بسبع حصيات في سبع مرات ، وهذا متفق عليه .

وأما الحالة الثانية : إذا حلف أن يضربه مائة سوط ، فيجوز أن يفرقها ويجوز أن يجمعها ويضربه بمائة سوط دفعة واحدة ، ويكون باراً ، وبه قال أبو حنيفة وقال مالك : عليه أن يفرقها ولا يبر إن جمعها ، كما لو حلف أن يضربه مائة مرة .

ودليلنا قول الله تعالى : ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلاَ تَحْنَثْ ) ( ص : 44 ) وذلك أن نبي الله تعالى ايوب حلف أن يضرب امرأته عدداً سماه ، فأفتاه الله تعالى أن يجمع ذلك العدد ، فيضرها به دفعة واحدة ؛ ليبر في يمينه .

وأمر رسول الله ( ص ) في مقعدٍ زنا أن يضرب بإثكال النخل دفعةً واحدةً .

والفرق بين أن يقول : مائة مرة ، فلا يجوز أن يجمعها ، وبين أن يقول : مائة سوط ، فيجوز أن يجمعها أنه جعل المعدود في مائة مرة الفعل ، وفي مائة سوط الأسواط .

وأما الحال الثالثة : إذا حلف أن يضربه مائة ضربة ، ففيه وجهان :

أحدهما : أن عليه أن يفرقها ، ولا يبر إن جمعها ، كما لو حلف ليضربه مائة مرة ، ويكون العدد راجعاً إلى الفعل .

والوجه الثاني : يجوز ذلك ويبر به كما لو حلف أن يضربه مائة سوط ، ويكون العدد راجعاً إلى الآلة . والله أعلم .

( فصل : )

وأما الفصل الثاني في وصول جميعها إلى بدنه ، فمعتبر بلفظه ، فإن قال : أضربك بمائة سوط جاز ، إذا جمعها وضربه بها أن لا يصل جميعها إلى بدنه ؛ لأنه قد صار ضارباً له بمائة سوط ؛ لأن دخول الباء على العدد تجعله صفة لآلة الضرب ، ولا تجعله صفة لعدد الضرب .

وإن قال : أضربك مائة سوط ، وحذف الباء من العدد لبر بإيصال جميعها إلى بدنه ؛ لأنه جعله صفة لعدد الضرب دون الآلة .

وإذا كان من شرط البر وصول جميعها إلى بدنه لم يخل حاله في جمعها وضربه بها دفعة من ثلاثة أحوال :