پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص446

مثل النائم حنث به ، وإن كان لا يوقظ مثل النائم لم يحنث ، ولو كلمه وهو بعيد منه ، فإن كان بحيث يجوز أن يسمع مثل كلامه حنث به سمع أو لم يسمع ، وإن كان بحيث لا يجوز أن يسمعه لم يحنث .

( مسألة : )

قال الشافعي : ‘ ولو كتب إليه كتاباً أو أرسل إليه رسولاً فالورع أن يحنث ولا يبين ذلك لأن الرسول والكتاب غير الكلام ( قال المزني ) رحمه الله هذا عندي به وبالحق أولى قال الله جل ثناؤه ( آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيالٍ سَوِياً ) إلى قوله ( بُكْرَةً وَعَشِياً ) فأفهمهم ما يقوم مقام الكلام ولم يتكلم وقد احتج الشافعي بأن الهجرة محرمةٌ فوق ثلاثٍ فلو كتب أو أرسل إليه وهو يقدر على كلامه لم يخرجه هذا من الهجرة التي يأثم بها ( قال المزني ) رحمه الله فلو كان الكتاب كلاماً لخرج به من الهجرة فتفهم ‘ .

قال الماوردي : إذا حلف لا يكلم فلاناً ، فيكتب إليه كتاباً أو أرسل إليه رسولاً أو أشار إليه بيده أو رمز إليه بعين أو حاجب لم يحنث .

وبه قال أبو حنيفة .

وقال مالك : يحنث وذكره الشافعي في القديم ، فاختلف أصحابه فيه ، فجعله بعضهم قولاً له ثانياً ، وتبعهم فيه أبو حامد الإسفراييني ، فخرج حنثه بذلك على قوليه وجعلوا كلام المزني دليلاً عليهما واختياراً للصحيح منهما .

وذهب جمهورهم إلى أنه ذكره حكاية عن غيره ، وليس بمذهب له ، فلا يحنث به قولاً ، وجعلوا كلام المزني احتجاجاً للشافعي ، ورداً على مالك .

واستدل مالك ومن تابعه على حنثه بالكتاب والرسول بقول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً ) ( الشورى : 51 ) . فجعل الوحي كلاماً ، لاستثنائه منه ، وقال تعالى : ( آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً ) ( آل عمران : 41 ) . فجعل الرمز كلاماً ، لاستثنائه منه ، ولأنه يقوم في الأفهام مقام الإفهام ، فصار في حكم الكلام .

ودليلنا : ما استدل به المزني من قول الله تعالى : ( قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوياً فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِياً ) ( مريم : 10 – 11 ) . فدل على خروج الوحي والإشارة من الكلام الذي نهى عنه .

وقال تعالى في قصة مريم : ( إِنِّي نَذَرْتُ لِلْرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إنْسِياً ) إلى قوله : ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ) ( مريم : 26 ، 27 ، 28 ، 29 ) . فدل على خروج الإشارة