الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص445
والثاني : لا يحنث بها ؛ لأنها من الآلات المحلاة كالسيف ، ويحنث بلبس الخاتم ذهباً كان أو فضة .
وقال أبو حنيفة : لا يحنث بلبسه إن كان من فضة ، ويحنث إن كان من ذهب ؛ لأن الفضة مألوفة والذهب غير مألوف ، وهذا فاسد ؛ لأن مألوف الحلى كغير مألوفه كالأسورة والأطواق ، ولأن ما كان حلياً في الأسورة والأطواق كان حلياً في الخواتيم كالذهب ، وقد روي أن النبي ( ص ) ‘ تحلى خاتماً من ذهبٍ ثم نزعه ‘ .
قال الماوردي : أما إذا حلف لا يكلم رجلاً ، فسلم عليه حنث ؛ لأن السلام كلام ، ألا ترى أن الصلاة تبطل به إذا كان في غير موضعه .
فأما إذا سلم على جماعة ، والمحلوف عليه فيهم ، فللحالف ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يقصده بسلامه عليهم ، فهذا حانث .
والحال الثانية : أن يعزله بنيته ، ويقصد بالتسليم على غيره ، فهذا غير حانث ؛ لأن الأيمان محمولة على المقاصد في عقدها ، فحملت عليه في حلها ، فلا وجه لما عدا هذا القول .
والحال الثالثة : أن لا يكون له قصد في إرادته ، ولا في عزله ، فلا يخلو أن يكون عالماً أنه فيهم أو غير عالم ، فإن علم أن فيهم ، ففي حنثه بإطلاق سلامه عليهم قولان :
أحدهما : وهو الذي نقله المزني هاهنا ، ونقله الربيع في الأم أنه لا يحنث ؛ لأنه غير مقصود بالكلام .
والقول الثاني : حكاه الربيع منفرداً أن فيه قولاً آخر أنه يحنث ، وهو أظهر ؛ لأن السلام عليهم عام ، فدخل في عمومهم .
وإن لم يعلم أنه فيهم أو علم فنسي ، هل يكون فعل الجاهل والناسي في الأيمان كالعالم والذاكر ؟ فيه قولان :
أحدهما : أنها لغو لا يحنث بها ، فعلى هذا لا يحنث بهذا السلام .
والقول الثاني : أنها لازمة يتعلق بها الحنث ، فعلى هذا في حنثه بهذا السلام قولان .