الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص444
الفارسي ، ولم يحنث بشم الورد والبنفسج ، ولا يشم الياسمين والخزامي واللينوفر ؛ لخروجها عن اسم الريحان بأسمائها المفردة .
ولو حلف لا شممت مشموماً حنث بشم هذا كله ؛ لأن اسم المشموم ينطلق على جمعيه ، ولا يحنث بشم الكافور والمسك والعنبر ؛ لخروجها عن اسم المشموم بأسمائها المفردة .
ولو حلف لا يشم طيباً حنث بشم الكافور والمسك والعنبر ، ولم يحنث بشم المشموم لخروجه عن اسم الطيب .
ولو حلف لا شممت مستطاباً حنث بشم هذا كله ؛ لأنه مستطاب الرائحة .
وقال أبو حنيفة : لا يحنث باللؤلؤ والجوهر حتى يمتزج بذهب أو فضة استدلالاً بالعرف واحتجاجاً بالاسم .
ودليلنا : نص الشرع بخلافه ، قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِياً وَتَسْتَخْرَجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ) ( النحل : 14 ) ، والمستخرج منه هو اللؤلؤ والجوهر والمرجان ، فجعله حلياً ملبوساً .
وقال تعالى : ( يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسَهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ) ( الحج : 23 ) .
قرأ عاصم ونافع ‘ لؤلؤاً ‘ بالنصب ، وقرأ الباقون بالخفض ، فالنصب محمول على الانفراد ، والخفض محمول على الأمرين من الانفراد والامتزاج ، ولأن ما كان حلياً بامتزاجه كان حلياً بانفراده كالذهب والفضة ؛ ولأن الحلى ما يراد إما للزينة أو للمباهاة ، وهما في الحلى اللؤلؤ والجوهر أوفى منهما في الذهب والفضة .
فأما التحلي بالخرز والصفر ، فيحنث به من كان في عرفهم حلياً كالبوادي وسكان السواد ، ولا يحنث به من خرج عن عرفهم من سائر الناس .
فإذا ثبت هذا ، فلا فرق في الحنث به بين مباحه ومحظوره ، فلو لبس ثوباً منسوجاً بالذهب لم يحنث به ؛ لأنه باسم الثوب أخص منه باسم الحلى ، وكذلك لو تقلد بسيف محلى لم يحنث ؛ لأن السيف ليس بحلى ، وإن كان عليه حلى . فأما لبس منطقة محلاة بذهب أو فضة ، ففي الحنث بها وجهان :
أحدهما : يحنث بها ؛ لأنها من حلى الرجال .