الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص442
أحدها : ما يكون إداماً يحنث بأكله منفرداً ، وبالخبز ، وهو ما يؤتدم به في الأغلب من اللحم والسمك والبيض واللبن ، وما في معناه .
والقسم الثاني : ما لا يكون أدماً ، ولا يحنث بأكله منفرداً ، ولا بالخبز ، وهو الفواكه كلها ؛ لأن اسم الأدم لا ينطلق عليها من عرف عام ، ولا خاص ، والمستأدم بها خارج عن العرب .
والقسم الثالث : ما لا يكون إداماً إذا انفرد عن الخبز ، ويصير إداماً إذا أكل بالخبز ، وهو يستأدم به في خصوص العرف دون عمومه كالعسل والدبس والتمر ، فلا يحنث به إن أكله منفرداً ، ويحنث به إن أكله بالخبز ؛ لأنه قد صار بالخبز إداماً ، ولم يكن بانفراده إداماً .
وقد روي عن النبي ( ص ) ‘ أنه أعطى سائلاً خبزاً وتمراً ، وقال : هذا إدام هذا ‘ .
والقسم الرابع : ما اختلف فيه لاختلاف أحواله ، فيؤكل تارة قوتاً ، وتارة أدماً كالأزر والباقلاء فله في أكله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يأكله مخبوزاً ، فقد صار بهذه الصفة قوتاً ، فلا يحنث بأكله .
والحال الثانية : أن يأكله مطبوخاً بخبز أو يصنع به ، فقد صار بهذه الصفة إداماً يحنث بأكله .
والحال الثالثة : أن يأكله مطبوخاً منفرداً بغير خبز ، ففي حنثه بأكله ثلاثة أوجه :
أحدها : يحنث به اعتباراً بصفته في الائتدام .
والوجه الثاني : لا يحنث به اعتباراً بأصله في الأقوات .
والوجه الثالث : أن يعتبر عرف بلده ، فإن كان في عرفهم إداماً كأهل العراق حنث بأكله ، وإن كان في عرفهم قوتاً كطبرستان لم يحنث بأكله . والله أعلم .
فأما عرف الشرع فهو منطلق على ما وجبت فيه زكاة العين ، وجاز إخراجه في زكاة الفطر ، فيحنث بأكله ، سواء دخل في عرف قوته أو خرج عنه ؛ لأن عرف الشيء عام كعموم أحكامه فيحنث بأكل التمر والزبيب والذرة والشعير ، وإن لم يكن من أقواته .
وأما عرف الاستعمال فما خالف عرف الشرع ، فضربان : عرف اختيار ، وعرف اضطرار .