پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج15-ص441

إلى أنه من الفاكهة من جميع الأمصار لما قدمناه من الاستدلال .

فأما ثمار ما عدا الأشجار ، فالموز فاكهة والبطيخ فاكهة ، وليس الخيار والقثاء من الفاكهة ، وإنما هما من الخضراوات ، لأنها لا تتغير عن ألقابها إلا عند فسادها .

فإذا ثبت ما يدخل في اسم الفاكهة حنث بأكله رطباً ، فإن أكله يابساً ، فهو على ضربين :

أحدهما : ما ينقل عن اسمه بعد يبسه ، وجفافه كالرطب يسمى بعد جفافه تمراً ، وكالعنب يسمى بعد جفافه زبيباً ، فلا يحنث بأكله ، وقد خرج عن الفاكهة بزواله عن اسمه .

والضرب الثاني : أن لا ينتقل عن اسمه بعد جفافه كالتين والخوخ والمشمش ، ففي حنثه بأكله وجهان :

أحدهما : يحنث به لبقاء اسمه .

والوجه الثاني : لا يحنث به لانتقاله عن صفته .

( فصل : )

ولو قال والله لا أكلت أدماً حنث بأكل اللحم والسمك والجبن والملح والزيتون ، وبما يصطبغ به كالخل والزيت واللبن والسمن .

وقال أبو حنيفة : لا يحنث إلا بما يصطبغ به ، وهو الأدم خاصة ، وهو ما ينصبغ به الخبز مثل الخل والزيت واللبن والسمن ، وما أشبه ذلك ، استدلالاً بما روي عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت : دخل رسول الله ( ص ) والبرمة تفور بلحمٍ وأدمٍ ، فقدمنا له خبزاً بأدم البيت ، فقال : ألم أر برمةً فيها لحمٌ ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، ولكن ذاك لحمٌ تصدق به على بريرة ، وأنت لا تأكل الصدقة ، فقال : هو لها صدقةٌ ، ولنا هديةٌ ، فميزت بين اللحم والأدم في الاسم ، فدل على تمييزها فيه .

ودليلنا ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ سيد الأدم اللحم ، ونعم الإدام الخل ‘ ، فجمع بينهما في اسم الأدم ، فدل على اشتراكهما فيه ؛ ولأن اسم الأدم مشتق من استطابة أكل الخبز به ، حتى يستحب ويستمرأ ، مأخوذاً من قول العرب : أدم الله بينكما أي أصلح بينكما بالمحبة . وروى أبو عبيدة في ‘ غريب الحديث ‘ أن المغيرة بن شعبة خطب امرأة ، فقال النبي ( ص ) : ‘ لو نظرت إليها ، فأنه أحرى أن يؤدم بينكما ‘ .

فحكى أبو عبيدة عن الكسائي معناه : أن تكون بينكما المودة والاتفاق ، وهذا المعنى في اللحم أوفى منه في الصبغ فدل على أنه باسم الإدام أخص .

وتمييز عائشة – رضي الله عنها – إنما كان لاختلاف النوع ، ولم يكن لاختلاف الاسم ، فإذا ثبت هذا القسم فيما يستطاب به أكل الخبز أربعة أقسام :